لا تقل -- من كان ابي!!!!
بل قل -- من انا؟
رايته وهو يخطو بخطوات ايقاعية مع هز اردافه ويمشي بعلو وشموخ واردافه تهتز مابين اليمين واليسار، ومن ثم الى الاعلى والى الاسفل وعيناه لا تشاهدان ولا تبصران الا ماهو بمستوى طوله وعلى المدى البعيد، لانه كما يقول: انا اعلى من مستوى من هو اقصر مني، وهكذا زاعته ارض الوطن وتلاطمته امواج المحيطات، ليرسو على سواحل بحيرات استراليا، حاملا معه فكرة الانا وليس سواي. شاهدته وانا طائرا من الفرح، لانني توقعت ان ارى منه شيئا افتخر به، بانتاجاته المستقبلية في استراليا كما ذكر لي في اول لقاء مابيني وبينه، فاستوقفته، وصافحته، بعد ان قبلته وكعادة العراقيين في مصافحتهم الواحد للاخر، كانت قبلتي ليست كقبلة يهوذا لسيدنا المسيح، انما قبلة مليئة بالاشتياق والحنين الى ذكريات الوطن الام، ثم بادرته بالسؤال عن صحته وعن احواله في استراليا، وعن عائلته، لانني وبالحقيقة وللتاريخ اذكرها لكم، انني تعرفت على هذا المدعو( الانا )، قبل ثلاثة اشهر في استراليا وعن طريق احد المعارف من الاصدقاء، حيث ذكر لي هذا الصديق بان السيد (الانا) ذكر له بانه يعرفني حق المعرفة، وانا والله الشاهد على مااقول بانه لم تكن لدي معرفة به، ولم اصادفه في حياتي في العراق، الا بحضور هذا الصديق هنا في استراليا، واليوم هي المرة الثانية والتي لعبت الصدفة في تحقيق هذا اللقاء، وهذين اللقائين هما في استراليا . المهم، بعد ان انتهيت من استفساراتي عنه وعن عائلته، واذا بهذا (الانا) يحمحم بحنجرته ومن ثم رماني بنظرة استفسار وتعجب متسائلا مني عن من اكون؟ فاحرجني تجاهله لي ومما دعاني لاستدراك الموقف قائلا له: الا تتذكرني؟ انا فلان الفلاني!! فبقي متاملا وجهي وبنظرات مفتعلة يستفسر مني عمن اكون؟
ثم اخرج من بين شفتيه الغليظتين تمتمة اسخفافية، وكانه تذكرني بقوله: هاها -- بلي بلي -- اتذكرتك،
ثم تابع كلامه بقوله: اي نعم سمعت عن اعمالك المسرحية هنا في استراليا، ولكن للاسف لم تكن بالمستوى المطلوب!!! فقلت له وانا ابتسم ابتسامة جامدة باهتة: اشاهدت عرضا من عروضي المسرحية؟
فنظر بنظرات ثاقبة وقال: بالحقيقة انا لم اشاهد لك اي عمل، وانا زوجتي هي التي حدثتني عن احد عروضك والتي لم يروق لها فقلت وبهدوء: فاليكن، هذه هي موهبتي وكفائتي، ولكن هيا حدثني عن اعمالك وانتاجاتك الفنية هنا في استراليا، ماذا قدمت لجاليتنا العزيزة؟
فاجابني باستخفاف وبافتعال: هنا في استراليا، من المؤسف لا توجد كاميرات جيدة ترضي طموحي، ولا مصورين محترفين بمستوى حرفيتي في التصوير.
ثم تابع يقول: اين جمهورك المثقف الذي يستقبل اعمالك ويقيمها؟
اذن فلمن اقدم؟ ولمن انتج؟
فليس هنا في استراليا جمهورا يستحق ان يشاهد انتاجاتي وابداعاتي الفنية!! فاستدركت الامر قائلا له وبهدوء ايضا،: لعلك لم تتعرف على فنانينا من العراقيين المتواجدين هنا في استراليا، اضافة الى ان هنا في استراليا شركات انتاجية كبيرة انتجت افلاما بنجوم لامعة يشار لهم بالبنان في العالم العربي والعالمي. ولهذا انا اقترح عليك ان تستعين بالفنانين العراقيين والذين سبقوك بالمجيىء الى استراليا للاستعانة بهم!
فضحك ضحكة قوية واجابني بشيىء من التعالي والاستهزاء: من هم؟ فلان؟ ام فلانه؟ اهؤلاء هم الفنانون اللذين تفتخر بهم وتريدني ان اعتمد عليهم؟؟
وهنا لم اتمالك نفسي حينما استوقفت استهزائه بسؤال مستفزا له حينما قلت له وباللهجة الشعبة البغدادية: (بروح بيبيتك اللي عرست وماشفت يوم عرسها، انت يامحبوب السلامه، شقدمت هنا؟؟؟؟؟؟؟ ) فجاء سؤالي هذا كصفعة لم يكن يتوقعه ايقضه من حلم كبريائه ، فأجابني وكأنه علم بأنه قد وقع في مطب لا يستطيع الخروج منه قائلا : انا يكفي ماقدمته في العراق ، فقلت له وبلهجتي الشعبية البغدادية ايضا ومستهزا به:
وليدي احنا ولد اليوم:
( لا تقل من كان ابي -- بل قل من انا ؟؟؟؟؟؟)