اجتماعات الجمعية العمومية في دورتها السبعين، قد تكون فرصة سانحة للمجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب ومختلف مظاهر العنف التي تعصف بأمن العالم، فالتحديات الأمنية التي تواجه عالمنا اليوم فاقت جميع التصورات، إذ لم يعد الإرهاب مجرد ظاهرة محلية أو إقليمية تخص جماعات معينة أو دولاً محددة، بل أصبح وباءً تنتقل عدواه عبر القارات، وما من دولة، مهما كانت آمنة في الوقت الحالي، ستكون بمنأى عنه، لا سيما الدول التي تعتقد بأن دعمها للجماعات المسلحة يبعدها عن مديات الإرهاب.
تنقسم النزاعات الدائرة في عالمنا اليوم على نمطين رئيسين هما:
1.حروب ضد عصابات داعش الإرهابية ومثيلاتها من الجماعات المسلحة.
2.حروب تدخل غير مشروع بشؤون الدول الأخرى.
فعلى المجتمع الدولي أن يوقف أولاً كل أشكال التدخل والدعم الذي يساعد على إدامة أمد النزاعات، والمساعدة في إحلال السلام عن طريق الحوار، ودعم الدول لمواجهة الإرهاب بقرارات دولية واضحة وصريحة، والمشاركة الفعلية في مكافحة الجماعات المسلحة الضالة، وحث الدول المعروفة لدى العالم أجمع على توجيه جهودها وإمكاناتها لدعم التحالف الدولي للقضاء على الإرهاب بدلاً عن تدخلاتها غير المشروعة، أو دعمها لبعض الجماعات الإرهابية ضد دولها، أو دعم بعض الحكومات المستبدة ضد مكونات معينة مطالبة بحقوقها.
على المنظمة الدولية التي تأسست أصلاً لبناء عالم آمن أن تتخذ إجراءات عملية لنشر السلام العالمي، وأن تضع حق البشرية في العيش بسلام فوق مصالح الدول العظمى وبعض الأنظمة الشمولية التي تهيمن على قراراتها، فبعض الأنظمة الشمولية المدعومة من دول عظمى تتحكم بسياسات العالم تضع جيوشها وإمكاناتها المادية واللوجستية بخدمة جماعات متمردة على أنظمة ديمقراطية، وبخدمة أنظمة تمارس إرهاباً علنياً ضد شعوبها، وهي سادرة في انتهاكاتها لحقوق الإنسان ومصادرة الحريات وتكريس الطائفية وإشاعة ثقافة التكفير ضد الآخر المختلف.
العراق دوناً عن الآخرين يحتاج أن يلعب الدور الأهم، إذ لا شك بمشروعية نظامه الديمقراطي الذي ينبغي دعمه دولياً لأنه حل محل نظام دكتاتوري قاد المنطقة لحروب عبثية وهدد أمن العالم وسلامه، ولأنه يواجه اليوم هجمة شرسة من عصابات داعش الإرهابية التي تهدد أمنه واستقراره، وتعبث بمقدراته، وقد مارست بحق العراقيين من مختلف المكونات أبشع صنوف الجريمة، وخربت بناه التحتية وعبثت بتراثه الثقافي وارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهو اليوم يخوض بمختلف مكونات شعبه حرباً مقدسة لتطهير أرضه وتحرير أبنائه وعلى العالم أن يقف وقفة جادة بقرارات أممية تمليها المسؤولية التي تقع على عاتق المنظمة الدولية بوقف الدعم غير المشروع للجماعات المسلحة ومعاقبة الدول المعنية بذلك، وتشكيل خلية أزمة دولية لتوفير المعلومات الاستخبارية التي تخص تحركات داعش، وتفعيل التحالف الدولي بتكثيف الضربات الجوية، ودعم قواتنا المقاتلة من جيش وقوى أمن داخلي ومن يساندها من مقاتلي الحشد الشعبي وأبناء العشائر بالسلاح والذخيرة والتجهيزات العسكرية، وكذلك الأمر بالنسبة لسوريا، فالقضاء على داعش أولى من تغيير النظام في الوقت الحالي، ووقف الحرب السعودية على اليمن وإعطاء اليمنيين فرصة للحوار والتفاهم، وكذلك الأمر بالنسبة لليبيا، والتعجيل بمشروع إقامة الدولة الفلسطينية، ومساعدة المكونات المضطهدة على انتزاع حقوقها بالحوار السلمي من بعض الأنظمة الاستبدادية التي تضطهد شعوبها بيد وتمد اليد الأخرى لدعم الإرهاب لزعزعة أمن البلدان وتفريق شمل المجتمعات المستقرة الآمنة.