فكرت كثيرا ماذا اكتب على بوابة العام الجديد وأنا اسكن على أعتاب الظلمة النفسية رغم الشمس الموغلة بطول السماء وكل العرض، هل اكتب عن الحب؟
أم الكاتم حين يكون بديلا للرب؟
أو ربما يكون من الأفضل أن اكتب شيئا عن الكذب؟
وكيف يكون مملا حين يكون الحاكم منافقا ومرائيا ويعلم انه يكذب، وكيف تحدق بالتلفاز عليه ويعلم بأنك تعلم انه كاذب، وكيف استغرقنا الحلم والحاكم يتلذذ بالإثم ولم يشعر بالذنب، وكيف الشعب بفضله أصبح نصفه عار من أي أمان والنصف الآخر بحقائبه هارب، هل اكتب كيف اغتيلت كل حروفي عن الشمس وفجر الحرية؟
ووطني المتدثر بملايين القصص في أعوام الخوف أصبح للموت بقية، أم قد يكون مفيدا أن أمر قليلا بليل الماضي القاتم كلون البرد، ودهش المخبولين لذكرى قصص الأطفال في أسرار الأمهات عن الحلم ويوم الوعد، وكيف سيحمل لنا سنبلة خضراء ويرش علينا بماء الورد، أم ترون مناسبا أن أكور كل الماضي بالحاضر؟
وكيف انسل الرمح إلى الحلم وصار الشعب الحالم خاسرا، أم أذكركم بعنترة وكيف اخترقت آثامنا عفاف عبلته؟
وتمدد في شوارعنا ثملا عروة ابن الورد، وكيف وبعد كل هزيمة، نعلن بأننا الشعب، الثائر، والحاكم جائر، ونرمي الجرم على الحظ العاثر، ونعلن ثورتنا بالمذياع وإن غدا لنا وسيكون الشعب هو السكة والدرب، (يمعود روح احجيها للدب).
أرى إن الليل طويل ومن الأجدى أن اكتب للعام القادم عن الحلم أو الهذيان، وكيف خرج من رحم الحمى، فكان الحاضر أعمى، لتكون وحلمك شبح النسيان، أنا مولود، لكوني عراقيا كما انتم مولودون من روح مغلفة بكوابيس، لا يمر علينا الحلم إلا في بعض الأحيان.
لكل السراق ولكل المزيفين بالوطنية وفي مقدمتهم سوق التجار من اللوطيين الساسة، أعلن إنني لم احلم بكم، ويشرفني بأني لا أحفظ أسماءكم ولا حتى صوركم، وقد تمشكلت بكم ليالي وأيامي لكني أعلن أن لا أعرفكم. فلستم جزء من شيء أتذكره في وطن أحفظه عن ظهر القلب.
أصدقائي أردت أن أحدثكم ونحن على مقربة من عام لا اعلم بداياته، فأيام الموت متشابهة، بأن ذات يوم كباقي أيامي في زمن الخوف المزمن على البوابات المشرعة للنوم، ومن شدة خبلي حلمت ببقايا قصص للمتعة بالحب، وكيف سيحملني قلبي كجناحين مساء فوق الجسر، ويصادفني النورس المهاجر كأوهامي، ويخبرني عن مرسى العشاق، في حكايات المشرق والغرب.
فانا منذ نعومة أظفاري، أقدس وهن العشق وهيام العشاق، ولي عطش دائم للمرأة، وصور دائمة في ذهني حين يكون اللقاء أحضان وعناق، وحلمت أيضا أن اسمع عن بلدي بعض الشعر، يشتم فيه الجلاد، أو صورة قرد لملك بلباس القديسين يمتهن العهر والمتعة بالسر.
يبتلع الآبار النفطية، كما الاسفنجة، وتدعي بأنها تنظف ضمير الحانة من آثام الخمر، واسترقني الحلم طويلا، وكأن أصابعي تغزل شعرك، وادهن بشعاع الشمس جسدك في الركن الهادئ للشط، وحلمت بجنون السباحة للجهة الأخرى من النهر، ويزف مركبنا الإوزة والبط.
وتذكرت أول قميص للنوم بيوم العزلة، كان مستهترا بالخلع من الأسفل ويترنح من فوق السرة يمينا ويسارا فيتراءى النهد، وكلانا كان لا يحلم بالغد.
الحالم كالمجنون حين يعيشان معا وحين يكون الموت لأجل النزهة، فما جدوى أن يتبدل كل الحكام إذا مات الشعب! وكيف ستطهر كل مساحيق التجميل وجه القاتل والقاتل أجرب. مرت مسرعة تسأل عني في حلمي بعض حروف الجر.
ونافذة أحلامي بوجود الحكام المأجورين تتقاذفها ريح اليأس بين الجر وبين العر، ومررت قليلا ببعض وجوه صبايا، سمراوات وشقراوات، زرعت يداي لهن للعشق على أجسادهن علامات، في لحظة هيام تركت أصابعي للذكرى آثار الضك على النهدين، وقبلات كحرف الهاء مدورة، تشبه من شدتها لون التين.
بالتأكيد انتم تعلمون بأني اعشق كل النسوة، وأذوب بحرف التاء التأنيثي ونون النسوة وساعات النزوة.
وتعلمون بأني صريح أيضا، ولا اخجل من عشقي أو أتزلف باسم الدين، فقد أخبركم عني سلفا ملك الخمر، بأني أتلذذ بالشفتين كطعم السكر، وسألتم عني ملوك الحانات، فأنا ارتاد الخمر ولكن من وجعي عليك فلا اسكر !.
كذلك تذكرت الأطفال في بلدي المولع بالنفي، والحلم الممتد من الخيمة للخيمة بوعود أنصاف الساسة فرسان اللغوة، وكيف يموتون في مخيمات النزح الوطني بلا كسوة، فبصقت سقام سكري فرشقت وجوه الساسة ببقايا الرغوة.
تملكني السلطان الحاكم بالضحك بمملكة الأحلام، حين تذكرت الشعب ينشد مرة أخرى بساحات التحرير ويطالب بالتغيير، سخرية كيف نطالب الناقة أن تطيح برأس البعير؟
حلم وأنا بالحلم الحاكم فأنا الشعب النائم، يصرخ أن يرحل زيد، حاول أن تعلم شيئا عن عمر قبل البيعة، كي لا تسقط بالوهم.
عندما تكتشف بأن الاثنين حمير، ولكي لا نصحو مرة أخرى على صياح الديك بأن الدب صار وزير.
مسكين أنا ومسكين هو شعب الموت، أبحرنا للحلم كيونس فابتلعنا الحوت، وفي ذات اللحظة وأنا غارق بالحلم، وبغداد وهي تطفو على أمواج المطر الممزوج بفضلات الجوع، كانت كذلك تغرق بالنوم.
اصدر ملك الصحو فرمانا، وأعلن على الحلم ليلة قصاص باسم الرب، صدرت مذكرة التوقيف على قلبي، وأنا ثمل من شدة حلمي، استذكر بقايا شعرك يغفو بصمت فيدفئ كتفي.
حضرت جندرمة ملك الصحو، وضعوا الأصفاد على قلبي، وأمر المأمور بأمر الز..... الملكي، القوا القبض عليه متلبس بالذنب، القوا القبض عليه فهذا الكافر يحلم بالحب، لكنه نائم!؟
اعلم ذلك، القوا القبض على القلب المنعزل عن هذا العالم، فذلك يعني انه حالم، يبدو لم يبقى من رواد الحلم سواني وبعض آخر مجهولين، لكن الليل كما انتم بدون الحلم يكون شديد ظالم، وأنا من شدة حمقي تصورت أقدام الجندرمة طيفك قادم.
ففي ليل الجندرمة يختلط الهمس بصوت الرعب، وضعوا الأصفاد على قلبي، ومن شدة ضيق القلب انفجر الحلم، فحضر ملك الريح بسرعة لون البرق، وتجمع كل العشاق الموتى، وجاءت متأخرة واو العطف، وركضت ضمائر لغة تعرفني ولا تعرف جندرمتهم.
واقترب الباعة المتجولون على أرصفة التفخيخ، بلد سرق الحاكم نصفه، والنصف الآخر يباع بمحال التفصيخ، يا هذا الوطن بلا حلم تتقاذف مصيرك الأمواج بلا بحر.
يا هذا الوطن، فالتعلم بأن لا يحمل أبدا ظمأ الظمأ بعض الماء ليغسل وجه الطاهر يوسف من غدر، واعلم بأن إخوة يوسف هم من ألقوه في بقاع الجب،.
أي وطني الموسوم بلون القهر، كيف نسيت شبابيكك مشرعة ولصك ذئب، ألأني أحببتك ولدي طبع مفرط بالعشق ويوسمني الجلاد بأني اله الكفر؟