يعد العنف ضد المرأة انتهاك لحقوق الإنسان فيمنعها من التمتع بحقوقها الإنسانية وحرياتها الأساسية مثل الحق في الحياة والأمن الشخصي والحق في التعليم والحق في الصحة والحق في السكن والحق في المشاركة في الحياة العامة.
هذا الانتهاك يبقي المرأة في وضع التبعية ويساعد على استمرار التفاوت في توزيع القوى بين الرجل والمرأة. ولعل من بين اسباب العنف المرتكب عليها هو.
- سوء فهم وتفسير مفاهيم الشريعة الاسلامية الغراء وتفسيرها بنظرة ذكورية ضيقة وضد كرامة المراة واعتبارها كأباحة ضربها لاي سبب وتعدد الزوجات بلاعدل وغير ذلك .في حين ان الشريعة الاسلامية وقفت وساندت المراة في غالب احكامها..
- التربية والتنشئة الاجتماعية سبب مهم يجعل من المرأة نفسها سبب لبعض أشكال العنف وذلك لتقبلها له والتسامح والخضوع أو السكوت عليه مما يجعل الآخر يتمادى أكثر.
وغالبا ما يكون هذا السبب مفعّل عندما لا تجد المرأة المعنفة من تلجأ إليه ومن يقوم بحمايتها وكذلك التربية العنيفة التي نشأ عليها الفرد هي التي تولد لديه العنف وتجعله ضحية له حيث تشكل لديه شخصية وتائهة وغير واثقة مما يؤدي إلى جبر هذا الضعف في المستقبل بالعنف بحيث يستقوي على الأضعف منه وهي المرأة، فالعنف يولد العنف.
- الأسباب الثقافية كالجهل وعدم معرفة كيفية التعامل مع الآخر وعدم احترامه وما يتمتع به من حقوق وواجبات تعد عاملا أساسيا للعنف. وهذا الجهل قد يكون من الطرفين المرأة والشخص الذي يمارس العنف ضدها.
فجهل المرأة بحقوقها وواجباتها من جهة، وجهل الآخر بهذه الحقوق من جهة أخرى قد يؤدي إلى التجاوز وتعدي الحدود. فضلا عن تدني المستوى الثقافي للأسر وللأفراد والاختلاف الثقافي الكبير بين الزوجين بالأخص إذا كانت الزوجة هي الأعلى مستوى ثقافيا مما يولد التوتر وعدم التوازن لدى الزوج كردة فعل له فيحاول تعويض هذا النقص باحثا عن المناسبات التي يمكن انتقاصها واستصغارها بالشتم أو الاهانة أو الضرب.
- العادات والتقاليد إذ هناك أفكار وتقاليد متجذرة في ثقافات الكثيرين والتي تحمل في طياتها الرؤية الجاهلية لتمييز الذكر على الأنثى مما يؤدي إلى تصغير وتضئيل الأنثى ودورها وفي المقابل تكبير دور الذكر حيث يعطى الحق دائما للمجتمع ألذكوري للهيمنة والسلطنة وممارسة العنف على الأنثى منذ الصغر وتعويد الأنثى على تقبل ذلك وتحمله والرضوخ إليه إذ أنها لا تحمل ذنبا سوى إنها ولدت أنثى. وكذلك وسائل الإعلام ومالها من دور يسهم في تدعيم هذا التمييز وتقبل أنماط من العنف ضد المرأة في البرامج التي تبث واستغلالها بشكل غير سليم.
- الأسباب الاقتصادية، فالخلل المادي الذي يواجهه الفرد أو الأسرة والتضخم الاقتصادي الذي ينعكس على المستوى المعيشي لكل من الفرد أو الجماعة حيث يكون من الصعب الحصول على لقمة العيش والحياة الكريمة التي تحفظ للفرد كرامته الإنسانية، تعد من المشكلات الاقتصادية التي تضغط على الآخر لان يكون عنيفا ويصب جام غضبه على المرأة.
إن ثقل الأزمات الاقتصادية الخانقة وما تفرزه من عنف عام بسبب التضخم والفقر والبطالة والحاجة جعلت من العامل الاقتصادي يحتل 45% من حالات العنف ضد المرأة. عنف الحكومات والسلطات، إذ تأخذ الأسباب نطاقا أوسع ودائرة اكبر عندما يصبح العنف بيد السلطات العليا الحاكمة وذلك بسن القوانين التي تعنّف المرأة أو تأييد القوانين وحمايتها لمن يقوم بالعنف ضدها أو عدم نصرتها عندما تمد يدها لطلب العون منهم وإنصافها ضد من يمارس العنف ضدها.
- تداعيات الحروب الكارثية وما تخلقه من ثقافة للعنف وشيوع للقتل وتجاوز لحقوق الإنسان وبما تفرزه من نتائج مدمرة للاقتصاد والأمن والتماسك والسلام الاجتماعي.
ولعل اهم اثار العنف على المراة هي.
- تدمير آدمية المرأة وإنسانيتها.
- فقدان الثقة بالنفس والقدرات الذاتية للمرأة كإنسانة.
- التدهور العام في الدور والوظيفة الاجتماعية والوطنية.
- عدم الشعور بالأمان.
- عدم القدرة على تربية الأطفال وتنشئتهم بشكل تربوي سليم.
- التدهور الصحي الذي قد يصل إلى حد العاقة الدائمة.
- بغض المرأة للرجال مما يولد تأزما في بناء الحياة الواجب نهوضها على تعاونهما المشترك.
- الابتعاد عن الزواج مما يولد فشل المؤسسة الزوجية من خلال تفشي حالات الطلاق والتفكك الأسري وهذا يولد انعكاسا سلبيا على الأطفال من خلال التدهور الصحي للطفل والحرمان من النوم وفقدان التركيز كذلك الخوف والغضب وعدم الثقة بالنفس والقلق وعدم احترام الذات وهذا كله سيفقد الطفل إحساسه بالطفولة.
فضلا عن الاكتئاب والإحباط والعزلة وفقدان الأصدقاء وآثار سلوكية مدمّرة من قبيل استسهال العدوان وتبني العنف ضد الآخر وبناء شخصية مهزوزة في التعامل مع الآخرين ونمو القابلية على الانحراف.
ولهذا عواقب على صحة المرأة ورفاهيتها مما يؤدي إلى تكاليف إنسانية واقتصادية باهظة وتعيق التنمية إذ توجد تكاليف على المدى القصير وتكاليف على المدى البعيد، وهناك التكلفة المباشرة للخدمات فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة، وهناك التكلفة غير المباشرة للوظائف والإنتاجية المفقودة وهناك الألم والمعاناة.