من خلال سعي جمعية الامل العراقية لتحقيق رسالتها حول المشاركة في التاهيل ورفع الوعي الاجتماعي لضمان بناء دولة مدنية ديمقراطية في العراق قائمة على اساس ضمان حقوق الانسان واعادة بناء المجتمع العراقي على اساس المواطنة والتسامح وقبول واحترام الاخر والتعايش السلمي والتماسك الاجتماعي ولزرع بذور هذه المفاهيم الانسانية لدى الطلبة في مراحل مبكرة من اعمارهم وقطف ثمارها باعداد جيل واعي متماسك مؤمنا بوحدة الوطن بجميع مكوناته ونسيجه الاجتماعي ومتسلح بالفكر المدني تجاه اي فكر متطرف نابذا كل سياسة اوثقافة للعنف باسلوب وفكر مدني حر بعيدا عن كل فكر متطرف.
لذا وانطلاقا من شعارها (من اجل خير الانسان) تبنت جمعية الامل العراقية اعداد وتنفيذ مشروع منهاج الثقافة المدنية التجريبي لطلبة الصف الاول المتوسط بالتعاون مع وزارة التربية والذي يهدف لتنمية وتطوير قدرات مدرسين التربية الوطنية لصف الاول المتوسط على كيفية غرس مفاهيم الثقافة المدنية في المدارس لما لها من اثار ايجابية في اعداد جيل يمتلك كافة المؤهلات المجتمعية.
فكانت الخطوة الاولى لتنفيذ المشروع هي ورشة عمل حول وضع منهج تجريبي للتربية المدنية لطلبة الصف الأول المتوسط ومفاهيم بناء السلام والتسامح خلال شهر اب من العام الماضي في اربيل وقد شارك بالورشة عدد من المهتمين من وزارة التربية وبحضور السيد مدير المديرية العامة للمناهج، فضلا عن مشاركين من المديرية العامة للأشراف التربوي والمديرية العامة للتعليم العام والمديرية العامة لأعداد المعلمين والتدريب والتطوير والتربوي، وممثلين عن دوائر تربية بغداد الرصافة والكرخ ومن تربية النجف وممثلية وزارة التربية في أربيل، كما حضر عدد من المشرفين التربويين وناشطين من منظمات مجتمع مدني مختصة وتضمنت الورشة مناقشة المنهج المقترح والتركيز على التمارين العملية التي تعزز من قيم المواطنة والتسامح وقبول الاخر وبناء السلام والانتماء، كما تم مناقشة عدة مواضيع خلال الورشة منها العمل التطوعي والتواصل الفعال ومهارات الاستماع والتحفيز والابداع والتركيز على كيفية تضمين هذه المفاهيم وتطبيقاتها في المنهج التجريبي بالاضافة الى تدريب المشرفين التربويين على المنهج التجريبي لغرض تدريب المدرسين الذين سيقومون بتدريسه لطلبة الصف الاول المتوسط ، ومن ثم قام المشرفين والمدربين بتدريب المدرسين على كيفية تطبيق المنهج التجريبي في المدارس على طلبة الصف الأول المتوسط.
وتم الاتفاق على تطبيق المنهج التدريبي على تسع مدارس مختلطة من طلبة/ات النازحين/ات والمجتمع المضيف في ثلاثة محافظات وهي النجف وبغداد واربيل بواقع ثلاثة مدارس لكل محافظة رشحت من قبل وزارة التربية حيث وقع الاختيار على مدارس (ابي تراب للبنين والبدور الساطعة والريف الزاهر) في محافظة النجف ومدارس (عمر بن عبد العزيز للبنين، العرفان للبنات، علم اليقين للبنين) في بغداد ومدارس (السلام للبنين وكجان والعلم النافع) في اربيل.
وتلتها مرحلة تدريب كافة كوادر المدرسين المعنية بالمنهاج في المدارس المستهدفة اعلاه بعدة ورش تدريبية حول منهج الثقافة المدنية التجريبي نفذت باوقات مختلفة وكان اخرها في فترة عطلة منتصف العام الدراسي لضمان تطبيق وتنفيذ المشروع في المدارس المستهدفة اعلاه بعد انتهاء العطلة وخلال النصف الثاني من السنة حيث سيتم تدريس التلاميذ/ات في المدارس على مواضيع المنهج وفقا لجدول الحصص.
وتضمن الدليل التدريبي لمنهاج الثقافة المدنية المعد من قبل جمعية الامل العراقية والمديرية العامة للمناهج في وزراة التربية ابتداءا الرؤيا العامة والاهداف المتضمنه نشر الثقافة المدنية لدعم اطفال العراق ليكونوا مواطنين مسوؤلين وفخورين ببلدهم وناجحين ويواكبون التعليم مدى حياتهم ومنتجين يتمتعون بالثقة وقادرين على العمل مع الاخرين بالاضافة الى طرح مفاهيم بشكل مبسط وسلس لاستيعاب الطلبة بهكذا اعمار فمنها مصطلح النزاع وحله والمفاوضات والوساطة والمصلحه والمواقف والتواصل الفعال وعقباته والاستماع والمواطنة ومضامينها ومواجهة العنف والتعاون والتنازل والمهارة وبعض المصطلحات السلبية والايجابية بالاضافة الى التطرق لمفهوم الثقافة المدنية واهدافها في كافة المجالات ومجموعة من النصائح لحل النزاعات وتحليلها والحقوق والواجبات وفقا للشرعة الدولية ومواضيع التفكير الابداعي واهميتها بالاضافة الى الاعمال التطوعية ومفهوم التطوع ودوره في تنمية المجتمع والتسامح وقبول الاخر والاستماع الفعال..
اما بقية المواضيع فهي تمارين تطبيقية وانشطة عملية من واقعهم والعابهم تحضى بقبولهم واهتمامهم وتتضمن عبر ومعاني جليلة تغرس وتعمق فيهم ادراك المفاهيم اعلاه وعكس ذلك في تعاملاتهم اليومية والتحلي بروح الفريق وتحمل المسؤلية وتبين لهم افضل الحلول لحل وفض النزاع والتعامل مع اي فكر خاطئ محرض على العنف وتغيير كافة السلوكيات الخاطئة في المجتمع.
ولايزال تطبيق المنهج مستمر في المدارس اعلاه ولنهاية السنة الدراسية ويتابع تنفيذه من قبل مكاتب جمعية الامل العراقية في النجف وبغداد واربيل مع العلم انه تجريبا ولايدخل ضمن الامتحانات النهائية .
ومن خلال متابعتنا لتطبيق هذا المنهاج في المدارس المستهدفة لمسنا تقبل وتعلق الطلبة وذويهم بهذا المنهج وتطور ملحوظ بسلوكهم خارج وداخل المدرسة وتحسين فكرهم في التعاون والنظام وحب الاخرين في تعاملاتهم وتحمل المسوؤلية فهم المعول عليهم مستقبلا فقد يكونوا قادة المجتمع او الناخبين اووو .
وسيجري تقييم بعد نهاية هذا المشروع مع وزارة التربية لغرض تعميم هذه التجربة في مدارس ومراحل اضافية اخرى وهناك من يرى ان المنهج قد يحل محل التربية الوطنية ..
ولا تقتصر اهمية وفائدة تدريس منهاج التربية المدنية للطلبة فقط وانما للمدرسين ايضا وذلك لافتقار اغلب المدرسين الجانب التدريبي والمهاري لمواكبة تطوير المناهج ومايجري من حولهم في العالم وادخال مدخلات جديده حديثة على التدريس عسى ان تحذو بقية المناهج الى هكذا طرق تدريسية حديثة وما لذلك من فتح الافاق امام وضع مناهج مماثلة لبقية المراحل الدراسية او ان يعمم هذا المنهاج بدلا عن مادة التربية الوطنية في كافة المدارس لاثره البالغ الاهمية في تنمية وحب البلد وبناء المجتمع على اهم المبادئ الانسانية.