لعل من الركائز الاساسية والضرورية للنهوض بواقع المرأة هو مشروع التمكين الاقتصاد ي ولتحققه ابتداءا لابد من ضمان تطويرها وتاهيلها بتنمية قدراتها وتوفير الامن والحماية القانونية لها وتحقيق مبدا تكافئ الفرص ويعد التمكين والاستقلال الاقتصادي للمراة في واقعنا العراقي هام جدا بل وبات ضرورة ملحة للمراة العراقية التي اصبحت عالة لأسرتها بالاضافة لازدياد عددهن كمطلقات او يتامى او أرامل حيث ارتفع عدد الارامل في العراق إلى مليون أرملة نتيجة للحروب الخاسرة على مر الاعوام الماضية بالاضافة الى الاشتباكات التي يشهدها العراق مع داعش..
فأساس كل المشاكل في الواقع العراقي هو الفقر الذي يطال الجميع رجالا ونساءا واطفالا ففقر المراة هو من فقر الرجل ولكن المتضرر الاكثر من ذلك هو المراة. فهي اكثر من يتعرض للظلم في المجتمع وذلك منذ فترة طويله بسبب النظرة الدونية لها من مجتمعنا الذكوري نتيجة للاعراف والعادات التقاليد فهي تعاني من سطوة وقيود الرجل والطلاق والزواج المبكر وضعف التعليم والتدريب والتاهيل والنظرة الضيقة الموجه لها ان كانت مطلقة او ارملة بالاضافة الى ان من مؤشرات ذلك ضعف تواجدها في سوق العمل فتواجدها لا يتعدى ربع القوى العاملة، وهو ما يعبر عن وهن اجتماعي، فلو كان لدى المرأة دخل ثابت لاستطاعت أن تتحكم في طريقة إدارتها لحياتها وطالبت بحقوقها وفرضت شخصيتها ورايها ويضاف الى ذلك وجود تمييز عام ضد المرأة في الوظائف العليا ذات المردود الأضخم، وهو ما يعني أن كل من يمتلك الدخول العالية هم الرجال، وكل هذا بحد ذاته يضعف من دور المراة في المجتمع ويجعلها عرضة للاستغلال والاستبعاد او الاقصاء لذا فان الاستقلال الاقتصادي للمرأة يحميها من التعنيف والاضطهاد لان المرأة المستقلة اقتصادياُ وإن تعرضت للتعنيف تستطيع أن تخرج من دائرة العلاقة الهادمة وتعتمد على نفسها وتعبر عن ذاتها وتبدأ حياتها من جديد دون أن تخشى التشرد والفقر والعوز.
بالاضافة الى كون المرأة المستقلة اقتصادياً لها القدرة على ضمان مستقبل أولادها ، والارجح ان لا تكون المرأة معالة لان الاعتماد الكلي للمرأة على من يعيلها يفقدها القدرة على الاعتماد على نفسها لذا أصبح زيادة دخل المرأة مرتبطاً ارتباطاً مباشراً بزيادة دخل الأسرة وضمان مستقبل الاطفال وحمايتهم من التشرد والحرمان..
خصوصا ان كانت مطلقة ام ارملة كما ان استبعاد واقصاء المراة عن العمل او المناصب المهمه من شانه ان يقلل من موارد التنمية فكيف يمكن لبلد ان يتطور وهو يغيب اكثر من نصف مكوناته.
ولو تمعنا بعبارة .. للرجال فقط ، هو الشعار الذي ترفعه بعض الشركات الآن في إعلاناتها عن الوظائف الخالية بسبب ادعائهم أن بعض الوظائف لا تقدر عليها المرأة بسبب بنيتها أو لتخوفهم من كثرة الإجازات التي يمكن أن تطالب بها بسبب الزواج والإنجاب بالاضافه لقيود الاهل عند زيادة عدد ساعات العمل.
لذا فمنع المرأة من الحصول على فرصة عمل، لمجرد كونها امرأة هو انتهاك صارخ لحقوقها، وشكل مستتر من أشكال التمييز التي يمارسها المجتمع ضد المراة في مجتمعنا الذي لا يقبل مرور كلمة امرأة بسهولة كذلك الحال بالنسبة للنساء فالاستقلال الاقتصادي للنساء – مفتاح القضاء على اشكال العنف ضد المرأة ومشاركتها الكاملة على قدم المساواة في جميع جوانب المجتمع بما في ذلك المشاركة في عملية صنع القرار وبلوغ مواقع السلطة على نحو عادل ومنصف أمور جوهرية لتحقيق المساواة والتنمية والسلم بدونها تبقى كافة المجتمعات معطلة ومتعثرة تحاول عبثا أن تطير بجناح واحد وتحاول دون جدوى أن تسير بقدم واحدة لكنها فقط تهوي إلى مكان سحيق كلما أوغلت في الإصرار على السير بالرجل دون المراة بالاضافة الى كون ذلك مخالفا للعديد من الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل الحكومة العراقية كاتفاقية السيد او (اتفاقية القضاء على جميع اشكال التميز ضد المراة) لعام 1979والمصادق عليها منذ عام 1986.
ولدور منظمات المجتمع المدني اثر هام في التوعية
بهكذا مواضيع هامة والمطالبة بدولة قانون تتمكن من حماية حقوق المرأة في المساواة مع الرجل في فرصة العمل، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في الثقافة التي تسيطر على المجتمع الذي يتعامل مع المرأة باعتبارها لا تصلح لهذا الدور فلا شك إن الاستقلال الاقتصادي هو أساس كل الحريات وإن الإنسان كالدولة حالما تفقد الدولة استقلالها الاقتصادي تصبح عرضة للدمار والغزو والاستغلال.
فمن اجل أوطان سليمة ومعافاة ومن اجل حاضر حر ومستقبل مزدهر تحلق فيه الأوطان بجناحيها كل من الرجل والمرأة فعلينا ان نكرس أنفسنا كمنظمات دولية ومدافعين عن حقوق الإنسان ونتكاتف من اجل الضغط على الحكومة لتبني استيراتيجية لتمكين المراة اقتصاديا وبدون اي تحفظ لمعالجة اية قيود او عقبات وتوليها الوظائف العليا في الشركات والمؤسسات، والتعاون مع المنظمات الدولية التي تمتلك الخبرة في إعداد الدراسات النسائية المتخصصة،مع التوجيه لعمل خطة وطنية تضم شركاء فاعلين يعملون بروح تحرم التمييز ضد المرأة.