تعد بيئة عمالة الاطفال انتهاكا صارخا لحقوق الطفولة فلا شك ان الاطفال هم النواة الاساس لبناء المجتمع فهم جيل الغد ومستقبل الامة ويمثلون الاستعداد الاعظم من بين الفئات العمرية للمجتمع في القدرة على التنمية والبناء ولذلك فان افضل رصد للمواهب والمهارات والاستعدادات والابداع والتوجيه والتربية يقع في مرحلة الطفولة ولذلك فان توفير البيئة المناسبة للطفل التي ينمو فيها بشكل منسجم مع متطلبات نموه من الناحية النفسية والجسدية والثقافية هي من اهم حقوق الطفولة وظاهرة عمالة الاطفال ظاهرة عالمية لاتقتصر على العراق فقط فهي منتشرة في كثير من المجتمعات البشرية مما اصبحت موضع قلق للبلدان والحكومات والمنظمات الدولية ولما تعرض له بلدنا من حروب ونكبات ودمار طالت مفاصل الحياة وتردى على اثرها الوضع الاقتصادي فاصبحت عمالة الاطفال ظاهرة منتشرة في جميع المحافظات.
ولعل اهم دوافع عمالة الاطفال هو العوز المادي فيكون ذلك بتشجيع او اجبار من الاهل لتامين المعيشة مهما كانت قساوة وخطورة هذا العمل ونتيجة لعدم المام الاهل الكافي بالقوانين المتعلقة بعمالة الاطفال وكذلك سوء العملية التربوية والفشل الدراسي وعدم تلبية احتياجاتهم بالاضافة الى التفكك الاسري كحالات الطلاق او فقدان احد او كلا الابوين وكثرة افراد العوائل الفقيرة والزواج باخرى واهمال تربية اطفال الزوجة الاولى وعدم متابعتهم.
ولعمالة الاطفال اثار كبيرة على تطور ونمو الطفل الجسدي نظرا للمخاطر والاصابات التي يتعرض لها التي قد تعوق نموه بالاضافة الى عدم تقديم الرعاية الصحية له وكذلك من الاثار الاخرى هو تدهور مستواه وتحصيله العلمي ويقلل من الفرص المتاحة له مستقبلا في تحسين تطوره المعرفي حتى ان تطوره العاطفي يتاثر قليلا نتيجة استمرار غيابه عن المنزل ولفترات طويله وتعرضه للارهاق الذي يصيبه نتيجة العمل ومايصادفه من مشاكل في العمل تودي الى بطئ تطوره العاطفي.
بل ان حتى ذلك يؤثر على تطوره الاجتماعي والاخلاقي لبعده عن اسرته وعمله في بيئة غريبه عليه وعدم شعوره بالامان والخوف من المجهول وعدم القدرة على التميز بين الخطا والصواب الامر الذي يعرضه للاستغلال والتعرض للاساءة والعنف .
ومن خلال المشاهدات التي رصدناها لمايتعرض له الطفل في بيئة العمالة هو الايذاء الجسدي من قبل ارباب العمل بحجة التربية والتعليم بالاضافة الى تعرضه للاستغلال المادي ووالاعتداء الجنسي لكون بيئة عملهم تفتقد للرقابة الامنية وقضائهم اغلب اوقاتهم مع الاكبر منهم سنا فقد يستغل الاطفال المراهقين الاصغر منهم سنا او ان يكون التحرش من قبل الاقوى بالاضافه الى كونهم عرضة الى مخاطر المخدرات والادمان بتناولهم الحبوب المخدرة او المسكرات كماانهم سيكونوا اصحاب سلوك سلبي حيث يتلفظ بالفاظ بذيئة وفاحشة تنساب على لسانهم طول الوقت وكذلك حرمانهم من حقهم في اللعب وانتهاك حقهم في الصحة فغالبا ماتكون بيئة عملهم قذرة وليس فيها اي رقابة صحيه وهذا قد يعرضهم للاصابة بالامراض التي تنتشر بهذه الاوساط حتى انهم قد يعلمون من قبل ذويهم على التسول ومافيه من هتك لكرامتهم وشعورهم بالدونيه والاحتقار وماله من اثر في قتل براءتهم.
ولعل اهم المنظمات الدولية التي اهتمت وكثفت جهودها لرصد وعلاج هكذا ظاهرة خطيرة هي منظمة اليونسيف ومنظمة العمل الدولية واليونسكو منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ومنظمة الصحة العالمية ومؤسسة انقاذ الطفل وغيرها فقد وضعت الكثير من البنود والمواثيق الدولية التي تحمي حق الطفولة حيث نصت اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989واتفاقية منظمة العمل الدولية وتوصياتها على ان الحد الادنى للسن عن 18سنه للقبول في اي نوع من انواع الاستخدام والعمل وكما نصت اتفاقية حقوق الطفل في المادة 32منها على (تعترف جميع الدول الاطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن اداء اي عمل يرجح ان يكون خطيرا او ان يمثل اعاقة لتعليم الطفل او لنموه البدني او العقلي او الروحي او المعنوي او الاجتماعي ) مع العلم ان الحكومة العراقية قد صادقت على هذه الاتفاقية.
وهذا الواقع المؤلم لظاهرة عمالة الاطفال لابد لها من علاجات او حلول وحتى اساليب وقاية لذا نرى انه من اهم التوصيات لذلك..
اطلاق حملة وطنية لمكافحة عمالة الاطفال تتضمن خطط استراتيجية تعمم على جميع مؤسسات الدولة.
رصد حالات عمالة الاطفال وتجريم ذويهم وفقا لقانون العقوبات العراقي المرقم (111) لسنة 1969حيث يجرم الاهل الذين يدفعون اطفالهم الى ممارسة مهنة التسول او العمالة وذلك في احكام المواد 390و391و392.
شمول الاطفال العاملين برواتب رعاية مقابل مغادرتهم العمل والتحاقهم بالمدرسة.
تفعيل دور قسم مكافحة عمالة الاطفال (قسم متخصص في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية) وتفعيل دور هيئة رعاية الطفولة.
انشاء صندوق قسم دعم مكافحة عمالة الاطفال واعداد خطط وطنية لاستقطابهم.
تفعيل دور الباحث الاجتماعي في المدارس ومتابعة المتسربين من المدارس والتواصل مع اسرهم .وحث الاساتذه والمعلمين على كسب الطلبة وبنذ العنف وجعلهم يحبون الدراسة والمدرسة..
ولايفرون منها.