ذكرياتي عن 4 فنانيـن
خلافات فنيـة حول العزف على العود
لماذا ينتقد الفنانـون منير بشيـر؟
اتيح لي بعد بدء عملي في الصحافة عام 1956 ان التقي بعدد كبير من الفنانين قبل ان انتقل الى السياسيين وكان العديد منهم يزوروني في مكتبي وقد سبق أن ذكرت في حلقات سابقة في (بانوراما) زيارات الممثلة زينب والمطربين ناظم الغزالي ويوسف عمر وعبد الرحمن خضر وجواد وادي وعبد الواحد جمعة والفنان الكبيريوسف العاني وقد اجد الفرصة لنشر ما يتعلق باخرين تعرفت عليهم خلال العمل الصحفي.
اليوم استعيد تلك الزيارة التي قام بها ثلاثة من الفنانين المشهورين هم كما في الصورة من اليمين سلمان شكر ثم علاء كامل وانا وإلى يسار الصورة وديع خونده (سمير بغدادي).
التقطت الصورة عام 1957 خلال زيارتهم لي في مكتبي البسيط المتواضع في جريدة الشعب خلال العهد الملكي.
كنت حينذاك اكتب تحقيقات واخبارا عن الفن ولي علاقات واسعة مع المذيعين والممثلين والمخرجين والملحنين والمطربين وكل من يعمل في اذاعة بغداد والتلفزيون الذي بدأ بثه قبل التقاط هذه الصورة بعام واحد.
** سلمان شكر
سلمان شكر كما عرفته واحد من ابرز اساتذة العود في العراق وكان استاذ العود في معهد الفنون الجميلة لمدة 30 عاما تخرج على يديه خيرة عازفي العود في العراق وله مؤلفات موسيقية عديدة عُيّن مستشاراً في وزارة الثقافة والإعلام لسنوات عدة.
توفي سلمان شكر المولود عام 1921 عن عمر يناهز السادسة والثمانين، بعد صراع طويل مع المرض، وكان يعاني من فقر مدقع.
** علاء كامل
اما علاء كامل فقد ولد سنة 1922 في البصرة وهو يعد أحد ملحني الاغنية البغدادية ومن أركانها وقد لا يعرف البعض ان اسم علاء كامل الحقيقي (علي عبد الرزاق حسن) وهو شقيق زميلنا الصحفي المرحوم ضياء عبد الرزاق حسن. عندما عرفته كان يعمل في مطار بغداد في مجال الطيران المدني.
لكنه تعلق بالموسيقى والغناء، فدخل معهد الفنون الجميلة وتخرج فيه في الأربعينيات وتولى في الخمسينات رئاسة قسم الموسيقى في الاذاعة والتلفزيون واشترك في تأسيس المجمع الموسيقي العربي وأصبح علاء كامل أول مدير لهذا المعهد.
كما ترأس جمعية الموسيقيين العراقيين لعدة سنوات.
لحن لعدد كبير من المطربين والمطربات أغنيات أشهرها أغنية عفيفة اسكندر (ياعاقد الحاجبين) ومائدة نزهت (خلهم يكلون) و(يام الفستان الاحمر).
** وديع خونده
اما وديع خونده المعروف ب(سمير بغدادي) فهو من مواليد بغداد 1920 دخل كلية الحقوق ولكنه لم يكمل الدراسة فيها، لاتجاهه إلى الفن فعمل في العام 1941 مذيعا في الإذاعة، إلا أنه ترك هذا العمل فاتجه إلى الغناء والتلحين وقدم حفلات أسبوعية من الإذاعة العراقية، غنى فيها ألحانه الشهيرة:
" شهرزاد"
و"خمرة الربيع"
و" حبيبي ليش تنساني"
وعمل أكثر من مرة رئيسا لقسم الموسيقى في الإذاعة العراقية.
لحن وديع خونده في لبنان لأصوات معروفة مثل:
نور الهدى
وصباح
ووديع الصافي
ونجاح سلام
وزكية حمدان
ونصري شمس الدين ومحمد غازي وسواهم.
وعمل زمنا مساعدا لرئيس قسم الموسيقى لإذاعة الشرق الأدنى التي كانت تبث برامجها من قبرص، وبعد عودته إلى بغداد، عين رئيسا لقسم الموسيقى، ولحن العديد من الأغاني للمطربة مائدة نزهت وعفيفة اسكندر وناظم الغزالي. تزوج وديع خونده من الفنانة انطوانيت اسكندر وهي ابنة الفنان عازف الكمان اسطيفان اسكندر زوج الفنانة عفيفة اسكندر وفي الخمسينيات اقترن بالمطربه مائده نزهت وقدم لها ألحانا جميلة.
** منير بشير
وعلى ما اذكر كان الهدف من زيارة هؤلاء الفنانين انتقاد الفنان منير بشير الذي اشتهر في تلك الفترة عازفا مجددا للعود في تلفزيون العراق بعد تأسيسه عام 1956، الى ان اصبح رئيساً لفرقته الموسيقية ومخرجاً موسيقياً، ومن بعد رئيساً لقسم الموسيقى.
وللتاريخ اذكر ان منير بشير المولد عام 1928 توفي في28 أيلول، 1997 وبالاضافة الى دراسته الموسيقى في معهد الفنون الجميلة فقد سافر إلى هنغاريا في عام 1962 حيث درس علوم الموسيقى المقارنة (Comparative Musicology) وحاصل على درجة الدكتوراه. ويعد منير بشير من أهم عازفي العود في القرن العشرين وقد بذل جهده للخروج بآلة العود من استعمالها في مصاحبة الغناء الى الفضاء العالمي وصار أسلوبه واضحاً في عزف معظم عازفي العود المحدثين العرب ونجح في تطوير أسلوب التقسيم التقليدي (كما كان يقول) وهذا ما جعل عددا من الموسيقيين ومنهم زواري في ذلك اليوم ينتقدون منير بشير ويعدون ما يقوم به إخلالا بالمفهوم التقليدي
للعود كآلة عربية.
وبعد نشر تلك الانتقادات اتصل بي منير بشير ورد على منتقديه موضحا وجهة نظره دون المساس بالمنتقدين.
من الناحية الشخصية عرفت منير بشير صديقا وكنا نلتقي كثيرا واذكر انه طلب ان يحضر احدى جلسات محكمة الشعب التي يراسها فاضل عباس المهداوي فصحبته الى هتاك حيث احضر الجلسات بحكم عملي الصحفي والتقينا بالمهداوي ثم خرجنا جميعا بعد الجلسة ووقفنا خارج مبنى المحكمة حيث التقط لنا المصور صورة كنا نضحك لنكته القاها المهداوي باسلوبه المعروف.
وفي السنوات الاخيرة من حياته عندما كان مستشارا في وزارة الإعلام كنت ازوره في مكتبه في احد الطوابق العلوية من المبنى الذي يضم ايضا مجلة الف باء التي كنت أعمل فيها وفي تلك الفترة أهداني مجموعة من الاسطوانات صدرت في فرنسا على ما اعتقد تضم معزوفاته الرائعة.
منير بشير وسلمان شكر وعلاء كامل وسمير بغدادي وغيرهم خدموا الوطن في مجالات تخصصهم وسجلوا اسماءهم في سجلات المبدعين.