حمودي الحارثي الذي عرفه العراقيون بشكل واسع لاول مرة في دور عبوسي شخصية نادرة في كل المجالات التي عمل فيها فهو فنان كممثل تلفزيوني وممثل سينمائي وكمخرج وكاتب سيناريو وهو انسان فنان منذ ان بدأ حياته نجارا ولكن اي نجار؟
كان فنانا حتى في النجارة.
عرفته كما عرفه غيري بعد عرض تمثيلية تحت موسى الحلاق بدور عبوسي وما قام به من حركات ومقالب مع استاذه الحلاق مما اثار اعجاب العراقيين رغم المقالب التي الحقها بالحلاق وزبائنه ومعارفه.
ومنذ ذلك الوفت اخذ النقاد والصحفيون واصدقاء حمودي يطلقون عليه لقب (صانع الفرح).
كنا في ذلك الزمان في وكالة الانباء العراقية قرب مبنى الاذاعة في الصالحية تربطنا بها وبمن فيها روابط قوية نزور العاملين فيها ويزوروننا الى ان انتقلنا الى شارع ابي نؤاس في بداية السبعينيات لكن صلة القرابة والصلات بين العاملين في مؤسستين اعلامييتين ظلت متوطدة زادها تاسيس نادي الاعلام ملحقا بمنى الوكالة وكان احد رواده الصديق حمودي الحارثي الذي كان مرشحا ان يكون المدير الفني.
وهناك حيث كنت نائبا لرئيس النادي المرحوم بهجت شاكر التقيت كثيرا بالصديق حمودي في الامسيات والحفلات وجلسات الدمبلة.
حمودي مواليد 1936 (82 عاما) اي انه اصغر مني بسنتين لكنه الان (بدون حسد) يبدو شابا عندما اتقيت بعد غياب طويل في نيسان العام الماضي 2017 حين جاء الى شارع المتنبي ليحضر حفل توقيع كتابي الثالث (صور من الماضي البعيد).
ذلك اللقاء كان بعد اخر لقاءاتي به حين جاء الى القاهرة عام 1974 وكنت فيها مديرا لمكتب (واع) ليدرس الفن ويحصل على شهادة الدكتوراه.
وفي كل اتصال بيننا وقد فرقتنا السنين واوضاع الوطن يذكرني بزيارته لشقتي في الزمالك والاكلات العراقية في الغداء او العشاء تعدها ام علاء خصيصا للضيوف الاعزاء القادمين من الوطن.
قبل ان ياتي الى مصر للدراسة كان حمودي الحارثي قد التحق بمعهد الفنون الجميلة قسم النحت والرسم مع الفنان
جواد سليم والفنان فائق حسن لكنه ترك قسم النحت والرسم وتفرغ للتمثيل والإخراج من عام 1958 ولغاية عام 1961.
ومن ثم درس الفن والإخراج السينمائي لمدة عامين في فرنسا (1964-1965) وبعدها درس الاخراج السينمائي من عام (1974-1981) في مصر (اكاديمية الفنون) .
وفي السنوات التي امضاها في مصر كانت له صداقات واسعة مع الفنانين المصريين وكبار الصحفيين اذكر منهم عبد الرحمن الشرقاوي ولويس جريس وحسن فؤاد والرسام جمال كامل عام 1981 عاد الى بغداد من القاهرة وكنت في ذلك الوقت اعمل في مجلة الف باء وكنا نلتقي بين الحين والاخر .
واذكر انه بطلب من وزير الاعلام اعاد كتابة مسلسل "تحت موس الحلاق" بشرط ان يخرجه بنفسه دون المشاركة بالتمثيل، وبالفعل اعاد مع الفنان البصري كتابة النص والسيناريو، نجح العمل فنيا ولكن الجمهور لم يتقبله لعدم وجود شخصية (عبوسي) فيه.
سافر عام 1995 إلى الأردن بسبب ظروف اقتصادية صعبة وظل في الأردن لعشرة أشهر، سافر بعدها إلى هولندا كلاجيء إنساني.
أقام خلالها أكثر من (15) معرضا للنحت داخل المدن الهولندية مع (15) لقاء جماهيريا للعراقيين والعرب هناك، وكذلك في السويد والدنمارك وألمانيا.
وحسب ما مسجل عن حياة الحارثي الفنية فقد شارك في أكثر من (500) عمل اذاعي وتلفزيوني واخرج الكثير من البرامج التلفزيونية منها العلم للجميع للمرحوم كامل الدباغ والرياضة في اسبوع للمعلق الشهير مؤيد البدري.
وعودة للبداية حين عمل نجارا وهو شاب تعلم النجارة وهو في السادسة من عمره على يد أخيه الذي ورث المهنة عن أبيه الذي لقب بنجار الأئمة لانه الكثير من الأبواب والشبابيك للاضرحة في الكاظمية وسامراء وكربلاء والروضة القادرية.
والمعروف ان الحارثي تزوج من المخرجة المسرحية المعروفة منتهى محمد رحيم المختصة بمسرح الطفل وكانت تعمل في (دائرة السينما والمسرح) لكنها توفيت في هولندا عام 2015.