من المؤكد ان من الصعب تلافي الأخطاء المطبعية في الصحف، وقد كانت ومازالت صحفنا تحفل بالكثير من الأخطاء المطبعية وغير المطبعية وليس هناك من سبيل إلى منع وقوع هذه الأخطاء التي يعود معظمها إلى السرعة التي يتطلبها عملنا الصحفي.
وكانت الصحف تعين مصححين يدققون في المواضيع قبل النشر وقبل الطبع ويشمل تدقيقهم الاخطاء المطبعية اضافة الى الاخطاء الاملائية والنحوية ورغم ذلك فقد كانت تظهر اخطاء في تلك الصحف.
لكن الصحف هذه الايام لديها رقابة املائية ونحوية تقدمها مواقع الانترنت فتنبه المحرر لاي خطأ مطبعي او املائي او نحوي غير انها في احيان كثيرة تضع كلمات لا علاقة لها بالموضوع بدل الكلمة التي تعتقد تلك المواقع انها غير صحيحة.
- · اخطاء فادحة
وقد اشتهرت صحيفة (الأخبار) التي كانت تصدر في بغداد في الخمسينات والستينات بأكبر عدد من الأخطاء الفادحة التي يذكرها الصحفيون القدامى من أمثالي، وليعذرني القراء لأنني لا أستطيع نشر تفاصيل تلك الأخطاء لأنها حولت كلمات الى اخرى (بذيئة)!!.
وكانت إحداها تتعلق بزيارة الملك فيصل الثاني إلى بريطانيا عام 1958 والحفل الذي اقامته الملكة اليزابيت على شرف الملك فيصل وانها خلال الحفل رفعت كأسها تحية لجلالته. واذكر ان الشاعر حسين مردان وكان مصححا في الصحيفة تعرض للتحقيق بسبب خطأ من هذا القبيل.
- ·** لا استعمار بعد اليوم!!
ومن الأخطاء التي أذكرها كانت في الصفحة الأولى من إحدى صحفنا وفي عنوان بارز نقلا عن تصريح لمسؤول كبير قوله (لا استعمار بعد الأمس)!! وسبب هدا الخطأ أن محرر الصفحة الأولى اعتاد شطب كلمة (اليوم) في الأخبار التي ترد من وكالات الأنباء ووضع كلمة (أمس) وهذا أمر طبيعي لأن الصحف تصدر في اليوم التالي وما يحدث هذا اليوم يكون قد حدث أمس ولكن ذلك المحرر وفي زحمة العمل ليلا استبدل كلمة اليوم بكلمة الأمس في حديث للرئيس احمد حسن البكر في عبارة (لا استعمار بعد اليوم) فظهرت (لا استعمار بعد الأمس)!
- · ان وجد له مكان
ومن أشهر الأخطاء المعروفة في الوسط الصحفي ما وقع في خبر وفاة أحد الأشخاص إذ كتب رئيس التحرير بخط يده ينشر (إن وجد له مكان). وفي اليوم التالي ظهر خبر الوفاة وفي نهايته أسكنه الله فسيح جناته إن وجد له مكان!! وتحدث بعض الأخطاء في استخدام الصور من الأرشيف ففي تحقيق عن حوادث المرور نشرت صحيفة العراق في بداية السبعينيات مع التحقيق صورة من الأرشيف لحادث اصطدام سيارة وكانت السيارة تبدو مهشمة تماما غير أن رقم السيارة كان واضحا ونشرت الصحيفة تحت الصورة
تعليقا يقول أن هذا الحادث المروع "نتيجة تهور صاحبها" واتضح في اليوم التالي أن صاحبها الذي كان قد قتل في حادث لسيارته هو أبن الرئيس احمد حسن البكر. وكانت النتيجة اعتقال كل العاملين في الصحيفة.
- · الصورة المقلوبة
والخطأ في الصورة يذكرني بخطأ شهير حدث في الأسابيع الأولى لثورة 14 تموز 1958. ففي تلك الأيام بدأت الخلافات بين عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء ونائبه عبد السلام عارف. وكان عبد السلام يصدر باسمه صحيفة الجمهورية التي كان رئيس تحريرها الدكتور سعدون حمادي وكنت أحد العاملين فيها، وبمناسبة مرور شهر على الثورة تقرر أن أعد لقاءات مع كبار المسؤولين وفاتحت عبد السلام عارف بذلك فطلب أن أحضر إلى وزارة الدفاع مع مصور الصحيفة الزميل حازم باك لإجراء المقابلات حيث يجتمع هناك كل ليلة أعضاء الحكومة وطلب عارف التقاط صورة له مع عبد الكريم قاسم ننشرها في (الجمهورية) مع كلمة (الأخوان) تعبيراً عن حسن نية عارف وجماعته تجاه قاسم وجماعته.
وذهبت مع حازم باك وأجريت المقابلات والتقط حازم الصورة المطلوبة بعد أن أقنع عبد السلام عبد الكريم قاسم بالوقوف إلى جانبه لالتقاط الصورة مبينا أهمية نشرها في تلك الظروف لتعزيز علاقاتهما الأخوية!! لكن الذي حدث أن تلك الصورة عززت خلافاتهما، فقد نشرتها صحيفة الجمهورية في عددها رقم 25 الصادر في 14
اب 1958 مقلوبة عن طريق الخطأ إذ ظهر اليمين يسارا واليسار يمينا ويدل على ذلك وضع المسدس، لكن عبد الكريم قاسم وجماعته ظنوا أن ذلك كان مقصودا! وأجري تحقيق في الموضوع، كان حازم باك متأكدا أنه طبع الصورة بشكل صحيح ولدى تفتيش شعبة الزنكوغراف حيث كانت الصور تحفر تمهيدا للطبع حسب طريقة الطبع في تلك الأيام لم يعثروا على الصورة فقد اختفت تماما، ولدى الرجوع إلى الفلم السالب ظهر أن الصورة صحيحة في الفلم وأخيرا تأكدنا أن الخطأ كان من الزنكوغراف لكن جماعة قاسم ظلوا على رأيهم!!.