"ويا وطني لقيتك بعد يأس.. كأني قد لقيت بك الشبابا"
أحمد شوقي
ذاك كان احمد شوقي وقصيدته بعد عودته من منفاه في اسبانيا (1920) وقد نفاه الانكليز بسبب سياسته ضدها ومدحه للخديوي عباس – ولي نعمته بسبب وساطة جدته لامه التركية/الشركسية الاصل وبسبب كونها وصيفة في القصر الملكي- عام 1916- تماماً في عام توقيع اتفاقية سايكس – بيكو الشهيرة في 16 أيار/مايو 1916.
عن اي وطن تحدث امير الشعراء في قصيدته هذه؟ وطن ما قبل الحرب العالمية الاولى والذي كان يحكمه "السلطان العثماني" ويشمل الكيان العثماني دول الشرق الاوسط وبعض جوارها من الشمال والجنوب؟
ام وطناً عربياً (مصر) يرفض الاستعمار ولكن لا يرفض التقرب من الدولة العثمانية كما نادى به – على ايامه - الزعيم مصطفى كامل وتأثر به امير الشعراء اشد تأثير؟
لا نستطيع المرور بذكرى مصطفى كامل الا وتذكر اشهر اقواله التي قال فيها: " “أحراراً في أوطاننا، كرماءً مع ضيوفنا”، فكان الزعيم –بالرغم من صغر سنه - يعلم ما يريد وآثر قرابة العثمانيين على المستعمرين الانكليز حيث يجمعهم، على الاقل، الدين ومفهوم الخلافة الاسلامية.
من جهة اخرى كان هناك افرقاء عرب يتفاوضون مع الانكليز للتخلص من السلطة العثمانية واشهرها مفاوضات هنري مكماهون والشريف حسين في عام 1915 الذي كان يطمح بوطن عربي كبير يكون هو سلطانه ويستبدل الدولة العثمانية بأخرى عربية، وربما يستبدلها في خلافتها الاسلامية.
وبين مفاوضات الشريف حسين وطموحات مصطفى كامل واحلام امير الشعراء احمد شوقي، كانت المكائد تكيدها القوتين العظمتين – فرنسا وبريطانيا (ومعها ايرلندا) - وبمعرفة روسيا حيث قاموا بخيانة العرب وتوقيعهم على اتفاقية سرية سميت وقتها على اسماء ديبلوماسيي خارجية بريطانيا وفرنسا: مارك سايكس وفرانسوا بيكو - والتي سميت ايضاً باتفاقية آسيا الصغرى- كان فيها خطة تقسيم الشرق الاوسط فيما بينهما اذا ربحوا الحرب العالمية الاولى وحروبهم ضد العثمانيين.
اليوم يقع في 16 أيار/مايو 2016، اي مئة عام على مرور هذه الاتفاقية وغيرها من الاتفاقيات.
ماذا صنعنا الى يومنا هذا؟
الاجابة على هذا السؤال يكمن فيما كنا نصنع في يومنا اليوم بالذات عام 2016.
معظمنا كان –كما العادة- منشغل بتحديث موقفه اليومي على مراكز التواصل الاجتماعي ولفت نظري فيديو كان Trending عن دجاجة "اعجوبة" رسمت بمنقارها بواسطة الحبوب كلمة "الله" عز وجلّ ومع هذا الفيديو تعليق يشكك في صحة هذا الفيديو الفظيع وما اذا كانت الدجاجة "فعلا" قد رسمت وكتبت وخططت وشكلت الكلمة ام انها لعبة الكترونية يخدعون بها الفكر العربي!!
نعم، هكذا قضينا يومنا الطويل..
نعم، هكذا قضينا وقتنا من مئة عام الى اليوم.
نتداول احاديثا في "غاية الاهمية" حول مواضيع تهم البشرية واستمراريتها ومنها نذكر:
مواضيع عن المرأة
مواضيع عن المرأة وعذريتها
عن المرأة وشرفها
عن الجنس طبعاً
عن المرأة وطاعتها للرجل وماذا يفعل الرجل حين "تعصي"!
ونتذكر ما قاله الكاتب والشاعر واسيني الاعرج: "أحياناً أشعر أن هذا الوطن لا عمل له ولا شغل، غير المرأة.. أحزن، يجب أن أحزن، لا استطعنا أن نتحضر، ولا احتفظنا ببدائيتنا الأولى، على الأقل الألفة والعفوية والطبيعة."
نتحدث ايضاً عن الدجاجة الاعجوبة،
عن اسد جريح،
واحياناً عن الوطن، ويكون عادة في ندب احوالنا التي وصلنا اليها وتشرذمنا ولوم الزعماء "الوطنيين" و "الدينيين"
وغير "الدينيين" على ما آلت اليه احوالنا.
ومرات كثيرة نشتم بعضنا البعض
ونقتل بعضنا البعض
ونُهجّر بعضنا البعض
ونسرق وننهب بعضنا البعض
ومرات ومرات نسكر حتى الثمالة ونخترع قصائد الغزل والحب والغرام.
عن اي غرام تتحدثون؟
ونساؤنا وصبياننا وارضنا تُغتصب؟ وبيوتنا تحترق؟
نلوم سايكس بيكو ولما لا نلوم بعض العرب الخانعين المخادعين المنقلبين على دينهم وعرضهم واوطانهم. مئة عام مضت وذهبت سايكس بيكو وجاء بعدها الكثير الكثير من الفرص لتكوين وطن كبير ولكننا كنا اجبن من ان نصير، وآثرنا قنل بعضنا الاخر اكراماً للغريب وبإسم الدين.
انهي بشيء ذكره امير الشعراء وقد ينطبق على حالنا اليوم –مرة ثانية-:
" لا دِينَ لْلِباغِي وإنْ تَدَيَّنا .. كَفَى بِقَتْلِ النَّفْس ظُلْماً بَيِّنا" فهل من مستجيب؟