العراقية المتميزة وداد فرحان
بقلم ميرنا عبد الحميد الشعار، سيدني-استراليا
افتتح سلسلة مقالاتي حول نساء مميزات في جاليتنا العربية في أستراليا بشخصية لها ما لها من موقع في قلبي وقلوب العديد من ابناء جاليتنا العربية من عراقيين ولبنانيين وسوريين وفلسطينيين وخليجيين وأستراليين وغيرهم الكثير.
حول السيدة الصحافية الالمعية واول رئيسة تحرير صحيفة عربية في تاريخ الجالية العربية، العراقية المتميزة وداد فرحان، اكتب ما يصح ان يقال عنها للتاريخ ولنا ولبناتنا وابنائنا حتى يقتادوا بها، بعزيمتها واصرارها على النجاح وتخطي جميع الصعوبات التي تواجه المرأة بشكل عام وفي المهجر بشكل خاص، في مجتمع غريب عنا قد يصل به احياناً الى التعصب ضدنا او تمييزنا عن غيرنا بطريقة او اخرى.
التقيت بها، في بداية اطلالاتها كرئيسة تحرير الصحيفة الاسبوعية الصادرة من سيدني-أستراليا بانوراما، في احدى المناسبات السياسية التي كنت قد نظمتها تكريماً لشخصية لبنانية سياسية بارزة في اواسط العقد الاول من القرن الحالي وكنت وقتها المرأة الوحيدة في حزب سياسي كبير محاطة بالذكور من كل جانب القي خطاباً سياسياً ترحيبياً بالموجودين، وكانت هي ايضاً هناك . امرأة واحدة بين كم من الرجال. نخلة عراقية ممشوقة القوام، حسناء ، بهية الطلة، ذات وجه قمري يطل منه نجوما لؤلؤية ناصعة البياض تكشف عن ابتسامة دائمة متواصلة، لا نهاية لها ولا تبخل بها على الحاضرات والحاضرين، تبث من خلالها علامات الجود والكرم والحب والاحسان والانسانية، اضافة الى رجاحة عقل وميزان ووفرة في الذكاء. امرأة كانت تخوض مجال الصحافة العربية في جالية اغلب العاملين بها هم من الذكور وتحديداً كل رؤساء تحرير الجرائد العربية البارزة كانوا رجالاً.
احترمتها واحببتها منذ اللحظة الاولى وكانت بداية لصداقة وتقدير متبادلين دام لاعوام ولم يقل بل زاد على مر السنين وذلك لمعرفتها المحافظة على الصداقات والبناء عليها علاقات طويلة الامد يعكس اصولها الطيبة وعراقها الازلي الاصيل.
من لا يعرف السيدة وداد فرحان في الاغتراب؟ من لا يعرفها في العراق وبعض الدول العربية؟
سفيرة السلام العالمي هي وعضو في نقابة الصحفيين الاستراليين وعضو اتحاد الكتاب في العالم ولا يكتمل هذا الا بانضمامها وعضويتها في كثير من الجمعيات المختصة الدفاع عن حقوق الانسان والضعفاء على الارض.
ليست عراقية فقط بل عربية جامعة لاصول جاليات شرق اوسطية كثيرة مع كل دياناتها وطوائفها، فلم تفرق يوماً بين مسلم او مسيحي وبين عراقي ولبناني ولم نحسسنا يوماً اننا غرباء عن بعضنا.
كلما رأيتها اتذكر كرم العراقيين وشهامتهم وعزهم الذي لم ولن ينتزعه احد منهم وستظل كرامتهم محفوظة ومرفوعة ولو كره الكارهون. واتذكر خيرات العراق التي كانت توزع بكرم وبدون تفريق على كل العرب ومجاناً ومنها واهمها العلم.
اتذكر عراقنا كما اتذكر الشهيد رفيق الحريري وما انجزه من عمران في البناء والانسان في لينان واتذكر شهداءنا العرب في كل بلد وابكي واعود لابتسم بتفاؤل حين ارى امثال السيدة وداد تقف –رغماً عن الكل- على قدميها وتثبتهما بعلمها وادبها ولسانها وقلمها الحر خصوصاً انها هي -دوناً عن معظم رؤساء تحرير جرائد عربية عدة في المهجر- تحمل شهادة جامعية في اختصاص الصحافة والاعلام.
نالت جوائز عدة في مجال الكتابة والادب والصحافة ومنها مثلاً جائزة افضل شخصية صحافية نسائية لعام 2013 من قبل مؤسسة أفاق للفنون. ونالت جوائز تقديرية لجهودها الانسانية في مجال الصحافة والنزاهة في العمل نذكر منها جائزة تقديرية من السفارة الاردنية عام 2012 وجوائز رائعة مشابهة لها كل من السفارة العراقية والسفارة الليبية والسفارة الاردنية والسورية وغيرها الكثير تعبيراً عن امتاننهم لما تقدمه السيدة من نزاهة في نقل الخبر وموضوعية طرحها للمواضيع وحرفيتها واستيعابها لكل ابناء الوطن العربي وقد جعلت من بانوراما حضناً عراقياً واسعاً يضم الجميع.
لا استطيع ذكر كل انجازاتها في مقال لا يتسع لاعمالها الضخمة ولكني استطيع ان اقول انها لم تكن ناجحة ومخلصة وشريفة في عملها فقط بل في بيتها مع زوجها واولادها. ان حضور زوجها معها في كل المناسبات هو اكبر دليل على اعتزازه بها والعكس صحيح وهما نموذج متحرك لزوجيين مثاليين داعمين لبعضهما البعض لا يفترقان ولا يحضر احد منهما مناسبة من دون الاخر وهو عكس ما نرى في العادة السيئة التي يقترفونها اغلب رجالات جاليتنا في انهم لا يحضرون نساءهم معهم في المناسبات الاجتماعية وبذلك يعطون مثلاً سيئاً عن العائلة واحترام المرأة وحقوقها في مشاركة الرجل مناسباته ونجاحاته وفشله وكل مراحل حياته.
ان السيدة وداد وزوجها السيد باقر الموسوي مثال الزوجين الصالحين الذين اثبتوا عبر سلوكهم الشريف والداعم لبعضهم البعض انهم يستطيعون حضور المناسبات معاً بالرغم من انشغالاتهم وأنهما نموذج ممتاز لاولادنا عن العائلة الناجحة والمثابرة والمتماسكة وانهم فخر لنا ولاولادهم.
اختم القول اني اعتز بالسيدة وداد كما اعتز بسيدات عربيات كثيرات شقوا طريقهن بشرف وعز وجهد عظيم وان حديثي عنها لا ينتهي وهو بداية باكورة احاديثي التي ستتمحور حول نسائنا الناجحات المثابرات.
الى اللقاء مع حديث عن امرأة مميزة مهجرية اخرى