في الماضي كان هدف الزواج في بناء أسرة متينة، صحية ومليئة بالذكور (أولاً) ولا يمنع التنوع في إنجاب البنات.
وكان السياسة في تحقيق ذلك هو الاختيار المبني عادة على العقل وحسابات الأُسر ومواصفات العروس التي يجب ان تتناسب مع مواصفات ومطالب العريس واهله وعشيرته والعكس صحيح.
وكان للنساء دور كبير في اختيار العروس التي تليق وكانوا يتقنون فن البحث عن أصل وفصل العروس وقوامها ووجهها وصحتها وعلمها في إدارة البيوت و.. طبعاً الطبخ.
كانت السياسة طبقية بامتياز فكانت العائلات تزوج ابناءها وبناتها من نفس الطبقة الاجتماعية ولا تبحث عن من دونهم او فوقهم طبقة وكانوا الأكثرية يفضلون التزاوج من ضمن العائلة او العشيرة كي يضمنوا شيئين أهمهما حفظ المال ضمن العائلة الواحدة وثانيها معرفتهم ببعضهم البعض المتينة والتي توفر عليهم عناء التعرف على عادات وأعراف عائلات اخرى.
وكانت الملوك تأخذ ملكات او أميرات والطبقة الوسطى تأخذ من طبقتها والفقيرة كذلك الامر.
وكان دور "الخاطبة" له أهمية كبرى في تعريف العائلات بعضها ببعض واختيار العروس التي تليق بالعريس الطالب للزواج، فتتم الاختبارات والزيارات للعرائس الجاهزات للزواج وهكذا حتى يتم "النصيب" الذي كانوا يقولون عنه انه "بده او عاوز تنصيب".
وتتم الخطبة ثم الزواج وكانت الام تقول للبنت "الحب يأتي بعد الزواج يا ابنتي" وهكذا للابن طبعاً.
وكانوا يعيشون عالحلوة والمرة كما يقولون بالرغم من المشاكل في كثير من الأحيان وصعوبة الحياة في اكثر الأحيان على أغلبية الناس.
وكانوا يعيشون راضين بدون "فذلكة" عيشتنا اليوم التي لا ترضي كبير ولا صغير.
وكان للكبير دور في حل المشكلات الصغيرة والكبيرة وكان الاحترام شائعاً اكثر بين الناس.
كانت هذه سياستهم والبعض يتنهد ويقول "ايه رزق الله عاهيك الأيام"!
واليوم، الحب أولاً.
نعم، من اساسيات اختيار الشريك اليوم هو الحب وان تحبه وتحبها قبل الزواج.
هذا ضرورة سياسة الزواج في أيامنا هذه.
ولكن، ما سبب فشل هذه السياسة في اغلب الأحيان؟
هل يغشنا قلبنا في اختيار الشريك ام ان تركيزنا على هذا القلب الجميل ونسيان عقلنا والعادات والتقاليد قد تسبب في أزمة استمرارية الزيجات وتفكك العائلات؟
ما هي آفة الزواج العصري الذي يتسبب في تحطيمه؟
هل تحنون الى القديم ام انه كان مجحفاً في حق القلب في اختيار الشريك؟
اليوم لدى العديد منا الحرية المطلقة في اختيار الشريك الذي ليس من الضرورة ان يكون متوافقاً مع طبقة طالب/ة الزواج ولا في العلم او المال او العائلات ومع ذلك نرى صعوبات تواجه تلك الاختيارات والكثير منها ينتهي بالانفصال.
اي السياسات تفضلون؟
سأتحدث في مقالي القادم عن الحوارات والاساليب السياسية في الزواج والتي تؤدي في الكثير من الأحيان الى تمزيق الصور وسحب السفراء والعزلة وأخيراً، اعلان الحرب.