“مجرمون! هؤلاء الذين قاموا بأعمال شغب هم مجرمون. وتقوم الدولة والشرطة الفدرالية بكل ما يلزم للحد من العصيان واعادة النظام الى مركز الحجز في جزيرة ليلة الميلاد Christmas Island” حسب ما صرح به وزير الهجرة بيتر داتون للصحافة اليوم الثلاثاء 10/11/15 ووعد ان الامن سيستتب قريباً ولو استخدمت الشرطة وسائل قد تكون صارمة مثل الغاز المسيل للدموع (الذي تسبب بجروح لعدة اشخاص محجوزين في هذا المركز).
واضاف انه مسموح للشرطة استخدام الرصاص المطاطي وكل ما يلزم للحد من هذا العصيان. وقد طلب الوزير تعزيزات للقوى الحامية في مركز الاحتجاز من الشرطة الفدرالية وجاءت التعزيزات فوراً واستطاعت – بناء على تصريحاته- الحد من العصيان التي تسبب بها “مجموعة مجرمين” حسب وصفه.
وبما أن مركز الاحتجاز هذا معروف عنه إيوائه لطالبي اللجوء فإن كلمة “مجرمون” سوف تُلصق بشكل فوري بهؤلاء المساكين بينما القليل يعرف أن من بين المحتجزين مجرمين فعلاً ولهم تاريخ جنائي يتم حجزهم هناك وهم في الطريق لترحيلهم الى بلادهم التي أتوا منها وآخرين محتجزين لأسباب غير جنائية ومنها أنهم قد أقاموا في استراليا مدة تزيد عن المسموح به في تأشيرة سفرهم.
إذاً اختلط الحابل بالنابل والبريء بالمجرم خصوصاً ان هذا التحرك والفوضى التي سرت في مركز الاحتجاز قد كان مباشرة – اي بعد يوم- من حدوث مقتل محتجز ايراني/كردي بعد محاولته الهرب من المركز. وتأكيداً على هذا القول، فإن رئيس مقاطعة الجزيرة السيد غوردن تومسون قد علق على الاحداث بقوله: “لقد رفعت شكاوى عدة من قبل الى الوزارة حول أمرين أولهما أن هناك مشاكل في حفظ الامن في مركز الاحتجاز وثانيهما مسألة الخلط بين النزلاء ونوعية المُحتجزين والتهم المنسوبة اليهم، فلا يجوز وضع مجرمين لهم سوابق جنائية في نفس الحجز مع اشخاص ليس لهم هكذا تهم ولا تاريخ. هذا يجب أن يتغير.”
تقع الجزيرة في شمال غرب أستراليا وقد سُميت بجزيرة ليلة ميلاد المسيح (Christmas Island) بعدما اكتشفها الكابتن ويليام ماينورز عام 1643 وسماها بهذه التسمية لانه مر بها في ليلة عيد ميلاد المسيح Christmas. وقد شهدت هذه الجزيرة احداثاً كثيرة وتكسرت على امواجها العديد من القوارب التي كانت تحمل لاجئين من انحاء العالم.
إن تكرار هذه الاحداث المميتة في مثل هذا الوقت من السنة (اي عند اقتراب موعد ليلة الميلاد)، خصوصاً تلك الاحداث التي حصلت في كانون الاول/ديسمبر من عام 2010 حيث لقى 48 طالباً للجوء مصرعهم على شواطئ هذه الجزيرة، وأحداث سبقت وأحداث تلت كان آخرها ما يحدث اليوم، يكاد يجعلنا نظن أن الجزيرة مشؤومة.
فهل هي مشؤومة حقاً أم أن سياسة الهجرة المُتبعة من سنين هي المشؤومة؟
لسنا وحيدين في انتقاد الدولة وسياستها في معالجة قضية اللاجئين وعدم استقبال القوارب في أستراليا، فقد انتقدت 110 دولة اليوم – في اجتماعها المنعقد في جنيف التابع لمنظمة الامم المتحدة- سياسة استراليا تجاه اللاجئين وايضاً في معاملتها لسكان استراليا الاصليين (الابوريجينيز).
وقد كانت القضية الكبرى التي اعتصم الكثير من أجلها، خصوصاً في ملبورن، هي التي تتعلق باحتجاز أولاد المحتجزين معهم في نفس مراكز الحبس والتي بدورها قد عرضتهم وتعرضهم كل يوم الى مخاطر التعرض الى انتهاكات لحقوقهم كأطفال ابرياء من حقهم ان يعيشوا في بيئة يوجد فيها بيت وحديقة ومدرسة ومستشفى. بالاضافة الى تعرض هؤلاء الاطفال الى أمراض جسدية ونفسية نتيجة ما يتعرضون له من إساءات جسدية وانتهاكات جنسية من نزلاء آخرين.
تُنتقد استراليا عالمياً وبشدة لموقفها تجاه الامور الانسانية وشرعة حقوق الانسان التي وقعت عليها وممارستها الفعلية على الارض تجاه طالبي اللجوء الفارين من حروب دامية ليواجهوا اخطاراً كبيرة هنا، وانتهاكات كبيرة لحقوقهم، وتعرضهم للحجز والعقوبات وعمليات اغتصاب وحالات حمل قسري واحياناً الموت، في حين أن دولاً كثيرة أوروبية وعربية تستقبل مئات الآلاف من المهجرين قسراً من بيوتهم واوطانهم.
استراليا وسياستها في قضايا اللاجئين، الى أين؟