- كتب قصيدته بصيغة المتكلم ليشعر القارىء بأنها تجربة شخصية
- أعتمد الموروث والفخر في قصيدته الثانية ليشكل حبكة القصيدة
قصيدتان جميلتان للشاعر المبدع علاء حسين الأديب نتناولهما بالدراسة والتحليل علنا نفيه بعض حقه على ما أورده من إبداع في نفائس الجمل التي أنتقى لها الكلمات انتقاء، وكأنه يصفف درر ملونة على لوحة رسمت بدقة لتعبر عن ما في داخله من أحاسيس، وأي تلك الأحاسيس أجمل من الحب، الذي اجتزئ منه علاء شقيه اللذان لا يعلى عليهما:
(حب الوطن)،
(وعشق المرأة).
ولنبدأ بالمرأة التي قال فيها (أجمل قاتل أنت)، نقتطف منها آبيات محددة نلج من خلالها الى جوهر القصيدة التي بناها على سلم الحب.
فراح يصف عشقه لمحبوبته التي لم نتعرف عليها من خلال الأبيات كشخصية دالة، بل أبقى حواره مفتوحاً على السرد المتخيل للأشياء المحسوسة، وأعطى أبياته بعداً جميلاً حين تركها على المجهول يصف فيها من يحب وكأنها في عالم الخيال.
رسالته التي نقلها عبر أبيات القصيدة احتوت على المطلق في المشاعر، فلا مكان يحدد، ولا زمان نركن إليه.
هو أراد أن يوصل مفهوم المطلق في الحب لكل من يقرأ قصيدته، فلا حب ترسمه حدود زمان أو مكان، وإن كان محكوم بهذين العنصرين فهو حب محكوم عليه بالفشل، أو ربما أراد أن يبعد القارىء عن المصلحة الذاتية في المشاعر، فلا حب مع الأنانية أو حدود المكان.
ومن المطلق المفتوح على المباشر اختار أن يصف ارتباطه هذا بأنه ابدي أزلي لا خلاص فيه، وهو كما بينه (ارتباط الأرض بالنبت) وهو ارتباط عضوي لا فكاك فيه، ولا حياة لعنصر دون أخر وفق الاستثناء. الشاعر هو وحده من يرسم صورة ما يريد وفق ما يريد، هو من يتخيل كيف تكون الحالة التي تخرج وتكتمل صورة القصيدة، ومن يعيش الحالة يكتب بواقعية، وعلاء دخل من باب الواقعية في السرد ليجسد صورة ما أراد حقيقة عن مشاعر أحسها، فأتقن بناء قصيدته وفق تلك الصورة.
صورة الصمت المعبر الذي نحس فيه الأشياء والأفعال دون أن ننطق، أو ينطق المقابل.
صورة الإحساس والشعور بما يريد الآخرين إيصاله لنا، هذه التداخلات وتوارد الأفكار عند طرفي الحالة (حالة الحب) هي من تخلق الشعور بالاندماج الحسي في اللاشعور عند من يحب، فتكون المخرجات عفوية حسية ملموسة تعبر بصدق عن محتوى ما نحس. جسدها علاء بشاعريته المحسوسة وبتجربته الطويلة في الشعر.
لذا يحسها الجمهور بألق وبحس مرهف حين يقرأها أي منا، وكأن علاء الخطيب كان يعيش تجاربنا عن قرب، فالإحساس الصادق لايختلف من شخص لأخر، والموقف الشفاف هو واحد عند الجميع وإن اختلفت الرؤى، لكنها في الحب تبقى عصية على من لا يعرفه، ولم يشعر به يوماً. أجاد كتابة قصيدته على صيغة المتكلم فقط، ليحسها القارىء بأنها تجربة شخصية.
رغم أن علاء نقل ما يشعر به الآخرين بدقة، وكانت أبياته موزونة بإيقاع متوازن من البداية حتى أخرها، لم يخرج عن الوزن، واحتفى بالقافية واعتنى بها جيداً، رغم تقلب المعنى، وتبدل الحالة إلا أن القصيدة أخذت سياقها المعنوي وشكلها السردي بانتظام، استخدم فيها الوصف والمكان والزمان والتقدير، وأحاط مفرداته برونق الوصف ودقيقه، وابتعد عن الحشو والتزويق، فكان أن أبدع باستخدام عناصر البناء الشعري، كما الوصفي فجاء المعنى مكتمل وفق صورة القصيدة.
(فأجملُ قاتلٍ أنتِ)
أُحَبكِ كيفما كُنتِ
أُحبُكِ أينَما أنتِ
فقلبي فيكِ مرتبطٌ
رباطَ الأرضِ بالنَبتِ
أحبُكِ في أحاديثي
أحِبُكِ في صدى صَمتي
وفي شعري وقافيتي
وفي لحني وفي صَوتي
وأِنْ لَم يَكفِني عُمري
أُحِبُكِ بَعدُ في مَوتي
فَما طابت نِساءُ الأرضِ،
في عَيني أِذا طِبتِ
أُحِبُكِ كَيفَما كُنتِ..
أِذا أنكَرتِ أو قٌلتِ
وأِنْ بالَغتِ في هَجري
وبالحِرمانِ أمعِنتِ
وأِنْ أصبَحتِ سكيناً
تُمَزِقُ فِيّ ماشِئتِ
سأهوى فيكِ قاتِلَتي..
فأجمَلُ قاتِلٍ أنتِ
وأغلى مَنْ يُعَذِّبُني..
بِصَمتٍ بالغِ الصَمتِ
وفي قصيدته الأخرى التي ركز فيها على الجانب الحماسي الوطني، والتي تغنى فيها بانتمائه الذي يعتز به ويقدمه على ما سواه، فقد جاءت كما ذكرنا على صيغة الحماس والفخر بالانتماء، معتمداً في بناءها على الموروث الذي يشكل منهلاً من مناهل القصيدة، فقد عرف العرب منذ الجاهلية شعر الفخر والحماس، وكانت تقام لأجله المناظرات الشعرية في الأسواق الأدبية العربية المعروفة، مثل عكاظ والمربد وغيرها من الأسواق الأخرى.
استخدم علاء الخطيب الوصف متخذاً منه منطلقا لبناء أبياته التي أظهر فيها الفخر بما ينسب للعراق وأهله على مر التاريخ، وهي حقائق أجادت بها قريحته على وزن (افعل) الذي رسم عبره كل الصور الشعرية التي ضمنها أبياته (اكسر، اسمر).
كما عمد لاستخدام صيغ التفعيل في كثير من أبياته لتعطي القارىء معنى التفخيم والتعظيم الذي أراد له أن يقابل تلك الصفات الطيبة التي يوصف بها المجتمع العراقي والعربي عموماً إن أردنا التعميم، كون الشاعر قد استخدم التعميم في أكثر من مكان.
ليختم بما وصفناه في كلامنا حين استخدم الفخر وعممه على القصيدة بكاملها، ليتباهى بالفداء، وهذه ميزة العربي، التي ذهب علاء الخطيب لوصفها مستعيناً ببيت شعر خالد عظيم في تاريخنا العربي للشاعر فخري البارودي ((بلاد العرب أوطاني))،
قائلاً (بها افخر).
ونقتطف من قصيدة (عراقي أنا اسمر) ل علاء الخطيب بعض الآبيات التي يقول:
(عراقيُ أنا أسمرْ)
ومنذ ولادة التأريخ
لم أقهرْ .. ولم أُكسرْ
دمائي.. بحر أطيابٍ
وأنفاسي شذا عنبرْ
لكلّ الناس بل أكثرْ
عراقيّ أنا أسمرْ
بلادُ العربِ أفديها
فأهلي كلّ من فيها
وأصحابي.. وأقراني
أردد دائماَ.. زهوا
((بلاد العرب أوطاني))
بها أفخر..
بقي أن نعرف إن (علاء حسين الأديب) هو شاعر وناقد عراقيّ من مواليد بغداد 1965.
عضو الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق.
حاصّل على دبلوم صناعات نفط عام 1985 -1986 وبكالوريوس لغة عربيّة عام 1994 ثمّ على ماجستير لغة عربيّة عام 2002.
كما حصل على الدكتوراه الفخريّة من دولة فلسطين.
ترأس وأدار عدة مواقع وملتقيات وصحف الكترونية منها:
رابطة أدباء المرفأ الأخير، وملتقى زنوبيا الثقافي، رئاسة تحرير مجلة صدى بغداد الثقافية الالكترونية، ومدير الصالون الأدبي لسمو الشيخ صقر بن سلطان القاسمي.
ومجموعة ألف ياء الأدبيّة. كما رئس الهيئة التأسيسية للبيت الثقافي العراقي التونسي في تونس، بالإضافة الى رئاسة تحرير مجلة المرفأ الأخير الثقافية الالكترونية.
وهو أيضا رئيس تحير مجلة البيت الثقافي العراقي التونسي الالكترونية.
صدرت له عدة دواوين بالإضافة الى نشره العديد من الدّراسات والبحوث.