1- شعر وزمن ومحيط ونصوص
ذات يوم كنت قد قرأتُ كتاباً تناول فيه مؤلفه سير وحكايات الشعراء؛
وقد قرأت في ذلك الكتاب حكاية جاء فيها:
كان الشاعر علي بن الجهم قد جاء الى بغداد من
بادية السماوة ليمتدح الخليفة العباسي المتوكل فانشده:
(انتَ كالكلب في وفائك بالعهد
وكالتيس في قراع الخطوب)
وبعد سنوات من سكنه وعيشه في بغداد ؛طاب له المقام فيها؛ اثارت انتباهه حد الدهشة نضارة الناس فيها؛ مما حرّك خياله وأوحي له فقال فيهم وفي جانبي بغداد العباسية:
(عيون المها ما بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث ادري ولا ادري)
وهذا يعني أن الشاعر قد تأثر بالبيئة التي اصبح يعيش فيها وتحيط به.
وكذلك فان هناك الكثير من الشعراء كانوا ومازالوا شديدي الاحساس والتأثّر بالزمن الذي يعيشونه بوصفه وجوداً فيزياوياً وعالماً نفسياً ورؤيوياً.
ومن هؤلاء هو طرفة بن العبد:
الذي قال :
(اذا القومُ قالوا من فتىً
خلتُ انني.. عنيتُ فلم اكسل ولم اتلبد
ولستُ بحلّال التلاعِ مخافةً
ولكنْ متى يسترفدُ القومُ ارفدِ)
لقد كان ذلك في زمن الشجاعة والبطولة والفروسية.
اما الآن وفي زمننا هذا؛ وأعني به زمن الخرابوالسقوط والانحطاط؛ فقد قال احد الشعراء؛ مستخدما التورية:كإسلوب في خطابه:
(اقول وقد شنوا الى الحرب غارة
دعوني فاني اكل العيش بالجبن)
إذنْ ومن كل هذا نستطيع ان نشعر بمدى قدرة الشعراء على الاحساس والتأثر بحضور وسطوة الزمن والمحيط البيئي في عالمنا وفي وجودنا الكوني.
2- حياة وجنة وجحيم
الحياةُ مناسبةٌ كبيرة
وجميلةٌ وقاسية
وغامضة احياناً
وبإمكاننا ان نجعل منها
جنّتنا ...
او جحيمنَا الأخير .
3- بغداد الآن
لاماءْ
لا كهرباءْ
لا حُبْ
لا (نَتْ)
لا هواءْ
بغدادُ الآنَ عجوزٌ تحتضرُ
بغدادُ مقبرةٌ سوداءْ
والناسُ حيارى ... ماهُمْ بسكارى
الناسُ لا هُمْ امواتٌ
ولا هُمْ احياءْ