لو قمنا بمراجعة لتاريخ الجوائز الأدبية والثقافية العربية فاننا سنلاحظ بوضوح انه تاريخ حديث العهد نسبياً؛ حيث انه كان قد بدأ قبل عقود قليلة، وهذه الجوائز كانت قد بدأت في بلد او بلدين عربيين ثمّ أخذت بالنشوء لتشمل معظم البلدان العربية تقريبا.
ولو تأملنا في حقيقة امر هذه الجوائز فاننا سنرى انها لا تعدو أن تكون مجرّد واجهة قد وضعت؛ ليس لغرض تشجيع الأدباء كما يتوهّم البعض، بل ان (البعض) منها وجد من أجل اهداف وغايات بعيدة كل البعد عن الادب والثقافة والابداع؛ ناهيك عن رغبة وسعي الذين يقفون وراءها الى التشابه او التمثل بالغرب ومجاراته في تقاليده الثقافيّة، والاهم والادهى هو مايكتنف هذه الجوائز من مساعٍ لتجميل وجوه السلطات؛ ولا ننسى ان نُذكّر ان كل مؤسسة هي سلطة – حسب ميشيل فوكو- ولكن، وبغض النظر عن هذا المعطى، فإنّ الجوائز الأدبية العربية بصيغتها الراهنة، ونتيجة لضعف تنظيمها وفي الحملات الإعلامية التي ترافقها، ووفق معايير إختيار أعضاء لجان التحكيم ومعايير إختيار الفائزين بهذه الجوائز، لا يمكن لها أن تشكّل دافعا قويّا للإرتقاء بمستوى الأدب والثقافة العربيّين ليشكّلا ثقلا ثقافيّا يتيح لهما أن يتبوّءا مراتب متقدّمة بين الآداب والثقافات العالمية. ولذا فإنّ الكثير من المشاركين وخاصة غير الفائزين والذين كانوا يتوقّعون الفوز ببعض الجوائز العربيّة، كثيرا ما يشكّكون في نتائج أعمال اللجان المانحة لهذه الجوائز التي يغلب عليها الطابع الرسمي مع استثناءات قليلة جدّا. ومعلوم أن كلّ ما هو رسمي قد تحوم حوله الشبهات حول علاقته بالولاءات والمحسوبيّة في مجتمع عربي تسود بنيته العقليّة النزعات المضادّة للتفكير الحضاري المتحرّر من التخندق القبلي. لكن بالرغم من ذلك فإنّ الهرولة إلى الترشّيح للفوز بهذه الجوائز لا تزال في الأغلب محمومة وفي اشد حالاتها، ولذا نجد رجوح سطوة الكمّ على الكيف والكثرة على حساب الجودة. مما يؤدي الى تكرار المواضيع والاساليب ذاتها في التناول والطرح عموما.
ولعلّ هذا سيسهم بجعل هذه الجوائز غير ذات أهمّية عند المتلقي العربي، رغم أن كلّ دولة عربيّة تقريبا تسند سنويّا بعض الجوائز الأدبيّة الرسميّة والخاصة.
ويمكننا الاشارة الى ان القارئ-المتلقي العربي قد اصبحت له معرفة جيّدة بمجريات وحيثيات جائزة نوبل للآداب ومن يحصل عليها سنويّا.
وكذلك الشأن بالنسبة لجائزة غونكور الفرنسية التي لها جاذبيّتها بالنسبة على الأقل لمن يتوفّر على ثقافة فرانكفونيّة، حتّى وإن كانت غير عميقة. ولكنّه لا علم له بالجوائز العربيّة ولا بمن يحصل عليها سنويّا الا بإستثناءات بسيطة؛ ومنها الجائزة العالمية للرواية العربيّة التي باتت تعرف بـ"البوكر العربيّة "(لأنّها فرع من البوكر الإنجليزية ذائعة الصيت).
ويمكن القول ان هذا الجهل والتجاهل قد حدث ويحدث رغم وجود بعض الجوائز العربيّة وتعدّدها وتنوّعها، والتي نذكر منها على سبيل الذكر لا الحصر: جائزة سلطان العويس في الإمارات العربية، وجائزة نجيب محفوظ للرواية العربية في مصر، وجائزة الإبداع العراقي وجائزة البابطين في الكويت المخصصة للشعر العمودي وماتعنيه من دراسات ادبية. وغير ذلك من الجوائز، ولكن السؤال الجوهري يبقى قائماً:
تُرى ماهي حقيقة ومصداقية وجدوى الجوائز الادبية والثقافية العربية؟