1 (ربّما)
إذا أُعجب أحدهم بعملٍ لك، فلا يعني ذلك إنّ الجميعَ سيُعجبون، فربّما في عملك سكّر زيادة، وربّما آخر يحبّ قهوته مرّة.
**
2 (الإنسان)
يجب أن يعرفوا، لكي يحبّوك، إنّك مثلهم بطل، ومثلهم جريح، ومثلهم صريح، وتخطئ، وتحبّ.. ومثلهم تعتذر.
**
3 (عبدالله السمطي)
"تحتضنُ القصيدة فضاءاتها عبر جملة من الأشكال الشعرية المتكثّرة، وإذا كانت النصوص القصيرة المكثّفة تمثّل طريقة للأداء الشعري، كشكل له تركيباته الخاصّة التي تركّز ، فيما تركّز، على الجمل القصيرة، وعلى ما نسميه نقديا ببنية الحذف لا بنية الكتابة، وعلى إشاعة قدر من التجريد، والإيجاز المركّز للبنى السياقية بالنصوص، أفقيا ورأسيا، فإن هذه الطريقة كما عهدنا في التراث الشعري المعاصر، تفعيليا أو نثريا، تهب الشاعر/ الشاعرة قدراً من الوعي الذهني المركّز أيضا، الذي يجعلهما بمنأى عن استجلاب الأجواء الشعرية المنبسطة المطنبة المسترسلة، لتصبح النصوص مشطوفة، مسنونة، حادّة حتى وإن كان الخفوت الدلالي مهيمناً على بعض مشاهدها..".
**
4 (عنوان)
حجابُ الطائفيّة.. ورأسُ المال.
**
5 (قال)
ـ ما أصابَ المرءَ التردّدُ.. إلاّ قتله.
ـ الوعي.. هو دقّةُ ملاحظةِ الفارق.
ـ الحكمةُ.. هي إدارةُ هذا العبث.
**
6 (كبيرُ موظّفي الدولة)
ـ إلى كاتبها ومنه ـ
"كبيرُ القوم في بلادِ الغرب كان ذا "طبيعة إلهيّة"، ومع الوقت صار "مفوّضاً إلهيّاً"، ثمّ صار يُقال إنّ "العناية الإلهيّة اختارته حاكماً"، وفي عصرنا الراهن هو مواطن برتبة رئيس.. أو "كبير موظّفي الدولة".
**
7 (الخبيث)
"الخبرُ السعيدُ إنّي ترقّيت" ـ يقولُ خبيثٌ لصديقِه الكريم الأكفأ في العمل ـ "والخبرُ السيئُ إنّي سأفارق صديقاً"!.
**
8 (الجزاء)
قال سقراط: "إذا غضبتِ الآلهةُ من فئةٍ، فهي لا تثور وتعاقبها على الفور، ولكن تتركها تعاقب ذاتَها بذاتها". ـ ترجمتي عن الإنكليزيّة.
**
9 (الإمبرياليّة والذيل)
"قبل الموجة التالية" ديواني الذي نُشِر في سنة 2013 حقّاً كتبتُه قبل حريق بدأ في سنة 2011 في تونس، ويصادره الآن وحشان هما الإمبرياليّة والكومبرادور ـ الذيل.
**
10 (الأقدارُ تخطُّ في الأمكنةِ علامات)
وأخيراً بلغتِ الرحلةُ مداها. ثمانيةُ عقودٍ من الزمن والروحُ تتقاذفُها الأقدارُ بين الواحاتِ الفقيرة والرمالِ المديدة القاسية. ولكنّ الروحَ أيضاً قويّةٌ وعنيدة، تفردُ جناحيها أبداً ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً.
هي رحلةٌ انطلقتْ من كونين، في جبل عامل، جنوبي الوطن الأمّ لبنان.
حوّمتْ فوق الخليج العربي مرّة. صارعتِ الأقدارَ في بيروتَ لتحطّ الرحالَ أخيراً سنة 1977 في سيدني ـ أستراليا الوطن الأمّ الثاني. إنّها الأقدارُ تخطّ في الأمكنةِ علامات. إنّها الحياةُ التي تدفعُ نحو ما لا يخطرُ ببال.
كيف لتلك الروحِ التي انبثقتْ في كونين، في المقلب الآخر من الأرض، أن تدركَ نهايتَها المتباعدةَ في الزمن وفي المسافات. كيف لتلك الروحِ الطفلةِ في العالم القاسي، الذي جرّدها من طفولتِها مبكّراً، ودفعَها إلى سوقِ العمل مبكّراً، وعلى رغم كلّ الإجتهادِ، من أجل لقمةِ العيشِ الكريمة، أن تدركَ أنّها ستبلغُ أستراليا، حيثُ ستبذلُ قطرةَ حياتِها الأخيرة؟.
أمامي انبسطتْ حياةُ عمّي الراحل كامل علي محمّد أسعد مسلماني. كان الفتى المتفتّح الذاكرة، القويّ الخطوة. أقفلَ عالمُ المدارس بوجهه، فأقبل بسمعه، وحفظَ عن ظهر قلب عدداً لا يُحصى من قصائد كبار شعراءِ الزجل في لبنان، وفي الطليعة: زين شعيب والسيّد محمّد مصطفى، ومثلها من لطائفِ ونوادرِ أبناءِ بلدتِه كونين وأصدقائه من زملاء العمل في سوقِ سمكِ بيروتَ القديمة التي كانت تزهو، على رغم كلّ شيء، بما فقدتْه تماماً اليومَ بيروتُ التي باتت غريبة بما لا يُطاق عن ماضيها. وأكثرُ من ذلك فقد حفظ عن ظهرِ قلب أكثرَ قصّةِ الزير سالم شِعراً ونثراً. كان الراحل بما حفظ من جميلِ القول العامّي يفتتحُ كوّةً في الجدار. ولأنّ روحَه الفنيّة كانت عالية، والإيقاعات في مسامعه عالية، اتّقن في شبابه العزفَ على المجوز. وفي عهد الرئيس كميل شمعون، وفي حفلٍ تقدَّمَه الرئيسُ شمعون ذاته، في خمسينات القرن الماضي، فاز أبو محمّد على آخر منافسيه بطولِ النفس. وكم أحيا أفراحاً بمجوزِه العامرِ أينما كان وأينما استقرّ به المقامُ، ومن منّا حضر عرساً في سيدني ولم يبادر إلى ساحة الدبكة قبل أن يصعدَ أبو محمّد إلى المنصّة، وكم كانت ساحةُ الدبكةِ تعجُّ بالدبّيكة رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، لمجرّدِ أن يسمعوا أنّ وصلةَ أبو محمّد على المجوز قد أزفّت.
كان أوريجنال بحضوره. لا تُذكرُ آلةُ المجوز إلاّ قُرِن اسمُه بها. وكم أشاع الفرحَ على وجوه الجميع. في جناتِ الخلد يا أبا محمّد.