الشاعر في الشاعر السيّد أحمد الحسيني يصرّ على قول ذاته، متمسّكاً بقيم روحيّة، وبقيم اجتماعيّة، وبرفض الظلم، مع نصرةِ الحقّ والوفاءِ للأرض الوطن.
وإذا الرسّام بصمتُه بالريشة، والنحّات بصمتُه بالإزميل، والموسيقي بصمته بالوتر، فإنّ بصمة الشاعر هي الكلمة المزركشة، وفيها مساحات لآلام أشواك.. وللحنين.
وما سبق هو عين ما يضمره الشاعر في مجموعة "حصاد الأيّام" الشعريّة الجديدة. أمّا المستوى الذي بلغه الشاعر فإنّه في فنيّة نصّه وأصالة اعتقاداته وقوّة وحقيقة عاطفته.
ثلثا مجموعة "حصاد الأيّام" بالفصحى، والباقي بالعاميّة، وجميعها موزون كلاسيكيّاً، وقدّم لها الشاعر الدكتور جميل الدويهي محبّاً ورقيقاً.
يؤمن الشاعر الحسيني بـ "الشافي من كلّ داء"، و"آل البيت" الذين يقول فيهم: " فكم أضاءت على الدنيا مشاعلهم \ فانشقّ ليل الدجى نوراً بما كسبوا". كما يؤكّد على التمسّك بالطقوس والفضائل وإعلاءِ شأن القرآن الذي هو "الحبل المتين".
وإلى إعلائه قيم التسامح يلتفت صوب فلسطين كما يلتفت اللبنانيّون الجنوبيّون تاريخيّاً صوب فلسطين، ويؤلمه حالها من عربدة إسرائيل وانحطاط المسؤولين.
وها هي غزّة تخوض ثلاث حروب وحدها مع الكيان الصهيوني في أقلّ من عقد واحد، الأولى في عام 2008 ـ 2009 والثانية في عام 2011 والثالثة في عام 2014.
ومهما يكن فهي كما يقول "غزّة لن ترضى بالعار \ ... \ أطفالها ثوّار \ ومقاومتها لا تركع".
وإذا التفت الشاعر الحسيني في مجموعته الجديدة صوب الشارع العربي والحال العربي فماذا سيرى غير الخراب على كلّ صعيد، وكيف الغرب متمكّن ومتجبّر، وكيف التطرّف الديني لا يقلّ سوءاً وعنفاً وتدميراً.
وبغياب كلّ خطّة لكبح هذا التردّي ليس من خيار أمام البقيّة الباقية على العهد والوفاء والمقاومة في ظلّ اختلال موازين القوى سوى تقديم الشهداء الذين يهبونا ما استطاعوه من عزّة وكرامة وحريّة.
وفيما هو "سبعيني"، كما يقول في قصيدة يشكو فيها قسوة العمر ويعيش مغترباً في وطنه الثاني الكريم ـ أستراليا، يرى أيضاً وطنه الأوّل لبنان يحدق به خطر المنظّمات التكفيريّة، فيتمنّى لو إنّه عشريني، ويقول: "يا ريتني بالوطنْ والجيشْ طالبني \ إيد الدواعش من الكوعْ نلويها".
"حصاد الأيّام" مجموعة قصائد لئلاّ تضيع، صوتها مرتفع بما تعتقده الحقّ، وكثيراً فضيلتها إنّها تذكّر بما هو حقّ، وكفى للشاعر السيّد أحمد الحسيني أن تكون له منها بصمة كريمة، وذكرى طيّبة، كما يعمل ويأمل.