عمر حارس المرمى في الملاعب قد يطول أكثر من بقية اللاعبين بسبب الفارق البدني المطلوب أن يبذله الحارس خلال المباراة مقارنة ببقية اللاعبين. قضية استمرار الحارس بالرغم من تجاوزه السن الطبيعية لممارسة كرة القدم على صعيد الأندية أو المنتخبات يجب أن ترافقها المحافظة على المستوى الفني والعطاء المطلوب في المباراة، لذا لم نجد حارسا تقدم به العمر تواصل في اللعب من دون أن يكون مستواه الفني بوضع جيد، بل أن بعض حراس المرمى من المتقدمين بالعمر استمر تألقهم في الملاعب المحلية والدولية بشكل مميز.
نسوق هذه المقدمة لنلقي الضوء على المستوى الفني المتقدم الذي ظهر عليه الحارس الدولي ( السابق ) نور صبري خلال مباريات الدوري العراقي في موسمه الذي انتهى يوم السبت الماضي بتتويج فريقه نفط الوسط بلقب بطولة الدوري بعد أن فاز في المباراة النهائية على فريق القوة الجوية وهي المباراة التي شهدت تألقا كبيرا للحارس نور صبري بعد أن ذاد عن مرماه ببسالة وشجاعة وخبرة واضحة لأكثر من 120 دقيقة من دون أن يسمح لمهاجمي الجوية المعروفين من أمثال حمادي أحمد ومصطفى كريم من هز شباكه، بل وزاد في ذلك حينما أكد تألقه في رد ركلات الجزاء حيث رد في هذه المباراة ثلاثة منها ليكون بطل هذه المباراة بجدارة واستحقاق، مثلما كان عليه في جميع المباريات التي خاضها مع فريقه الصاعد حديثا للدوري الممتاز، لاسيما في مباريات الأدوار النهائية لدوري النخبة، إذ لا يمكن القفز على تألقه في المباراتين اللتين خاضهما فريقه امام فريق الشرطة المتخم بنجوم المنتخب الوطني العراقي ومساهمته بتحقيق فوز فريقه فيهما.
لقد تم استبعاد نور صبري من صفوف المنتخب في وقت سابق وبالتحديد بعد بطولة كأس القارات 2010 لأسباب ادارية، لكن تراجع مستوى الحارس محمد كاصد بعد هذه البطولة، وتألق نور صبري في مباريات الدوري دفع العديد من الكتاب والمختصين المطالبة بعودة صبري الى صفوف المنتخب، وبعد ضغط واضح على الاتحاد والكادر التدريبي عاد صبري ليمثل العراق وتشهد أول بطولة شارك فيها تألقه الكبير الذي تجسد بتتويجه بلقب أفضل حارس مرمى فيها. لا نريد أن نعود لقراءة أوراق ما حصل قبل بطولة كأس آسيا 2015 التي لم يتم فيها استدعاء نور صبري الى صفوف المنتخب وكانت فيها مساجلات واتهامات بين مدرب حراس مرمى المنتخب عماد هاشم، والحارس نور صبري، فقد انطوت هذه الصفحة، إذ أننا أمام مرحلة جديدة وهي التي تخص التصفيات المزدوجة - كأس العالم 2018 ونهائيات كأس آسيا 2019-، وهو الأمر الذي يعني أن الواجب الوطني والمهني يقتضيان التفكير بطريقة مختلفة توصلنا الى مبتغانا من خلال هذه التصفيات، وهو التأهل الى النهائيات، ومن ذلك التركيز على استدعاء الأفضل لصفوف المنتخب، ونعتقد أن الحارس نور صبري هو من اللاعبين الذين يستحقون وبجدارة الانضمام الى القائمة الوطنية التي ستمثلنا في هذه التصفيات. نعم، لدينا بعض الحراس الشباب الذين أثبتوا جدارة واضحة خلال تواجدهم في صفوف المنتخبات الوطنية ومنهم الحارس جلال حسن الذي لا يمكن أن نغمط حقه في كونه من أفضل الحراس بالعراق في الوقت الحالي، لكننا نراهن على أن تواجد الحارس نور صبري الى جانبه في المنتخب الوطني سيساهم في تطور قابليات وتحديات جلال حسن الى أبعد مما وصلت اليه خلال الأعوام الأخيرة، إذ أن المنافسة على موقع الحارس الأساسي في تشكيلة المنتخب بينهما ستكون حافزا واضحا على التألق والابداع.
طالبنا في السابق بعودة الحارس نور صبري الى صفوف المنتخب بالرغم من المعارضة الشديدة من قبل رئيس الاتحاد السابق ناجح حمود، وراهنا على أن عودته ستصب في صالح المنتخب، ونجحنا في رهاننا، وها نحن اليوم نطالب بعودته لأننا على يقين تام أن عودته ستكون لها العديد من النتائج الإيجابية التي تصب في خدمة المنتخب، ففضلا عن تألقه في بطولة الدوري ومساهمته الواضحة في تتويج فريقه بلقبها، وكذلك خلق روح المنافسة الحقيقية بينه وبين الحارس جلال حسن، فأننا نجد أن المنتخب بحاجة الى قائد بخبرة نور صبري، لاسيما في ظل التدني الواضح لمستوى كابتن المنتخب يونس محمود المصاب في ظهره، وهي الإصابة التي لا يستطيع بسببها اللعب مع أي فريق محلي أو خارجي، حسب تصريحاته الأخيرة ، تلك الإصابة التي نخشى أن تعاوده قبل أو أثناء مباريات التصفيات.