تجذرت الافكار في حلم لم اعد أستفيق منه، وتشبثت في أعماق تربته المتشظية، علّ قطرات أمل تتساقط من سماء الخيبة.
في مثل هذا اليوم من كل عام، ياتي الاعصار وتحوم زوبعات التفكير في رص سريالية العام الجديد ببضع من نزيف المداد.
صفحات تطوى وتودع في خزائن النسيان.
وجوه ترفض الصفاء وأخرى تفرض اللقاء، فوضى كأوراقي يراقصها الهواء، تتقلب، تتبادل الأدوار، تستقر، ومازال المحتوى لم يغيره الضجيج.
هل ستغادرنا الاحزان في قادم الايام؟
صفحات النقاء تكشف الألوان، تتغاضى عن امتزاجها، تغير لونها وتسيل هاربة خارج الاطار.
نلوذ بجلمود الصبر، كيف لهذا الكم من الشهداء تروي دماؤهم أودية الكرامة.
الفاسدون والمشعوذون والدجالون يوغلون في الرذيلة المشينة، تأبى امراضهم المستعصية ان تفارقهم، ينتظرون موتا كموت العقارب.
أجراس تقرع وطبول تدق..
ضوضاء لا يحتملها الحلم،
والاستفاقة في أقصى التأمل.
خيول تثير الغبار.
اختناق بحدود الرحيل، وترجل من الصهوات. صراخ الصمت لايحتمله السمع كالعصف يقلع الثبات.
فاجعة صامتة حتى باطلاق نارها.
ورود سبايكر تناثر ورقها وطفى على شفاه الماء يقبل الوطن.
النوارس وحدها كانت تصيح، وغصة في صراخ السماء، حشرجة لاتصل السمع، انه القتل الصامت كما في حاراتنا.
وجع هارب بين الجبال والأودية، بين السهول والبراري، من طاغوت مجهول.
نزوح بلا موعد ولا ترقب للعودة، نخيل وطني يقتلع من جذوره الممتده في ضفاف الماء.
أيها الحزن المزمن فينا، أما آن لك الرحيل؟
لقد رحل سلام في عسعة الارهاب، وهامت روح كامل شوقا في الاغتراب، واليوم يرحل جميل الوفاء الذي لم يتسن له اللقاء بعد ربع قرن من الفراق. من سواد الى سواد، في بلد السواد، نغفو على أنين الحزن بمعزوفة الليل الطويل، ونستفيق على فيروزيات "لا وين رايحين".
قبلة المتظاهرين تعيد الأمل، واصرارهم يبعث الطمأنينة. معكم تتعانق الأكف ونصرخ من بعيد علنا نعيد قمحنا المسروق، ونشتل زيتونتنا التي هرب بها اللصوص.
وطني من جديد، سأسجد على أثر الراحلين، وأبكي النهر الحزين، وبين الغبشة وارتفاع قامة الشمس لحظات الهيام بشم عطر الخبز المنثور بين الأزقة.
ياااااعراق نشهق باسمك حتى لهيب اللوعة.. فما بال جفنك لا يرف لأسانا !!