وطني يسترد خمسة آلاف سنة من الحضارة المنسية بين التجفيف وعودة الحياة اليها.
لم تعد الأهوار ذكرى بين الماضي السومري والحاضر العراقي، بل عادت شامخة بقصبها وبرديها، جميلة ببيوتها العائمة ومشاحيفها التي تطر الهور محملة بفالات الصيادين يرفرف في سمائها قوس قزح من الطيور المهاجرة.
عادت المحميات المائية بقوة إرادة السومريين وأدرجت الأهوار الوسطى والأهوار الجنوبية، ومواقع أور وأريدو والوركاء، ضمن لائحة التراث العالمي لعام 2016.
لقد عاد اليها أهلها بعد التهجير والابادة أبان نظام الدكتاتورية الذي لم يبق ولم يذر.
ان أهل الأهوار هم سكان بلاد ما بين النهرين الذين طوروا حياة فريدة معتمدين على المياه، فهم يمتلكون ثقافة موحدة ولغة وعادات مشتركة.
لذا فانهم بكل دقة مجموعة اثنية واضحة المعالم، تعرضت الى الاعمال الوحشية التي بدورها ادت الى ابادة عنصر حضاري وارث تاريخي كبير.
كم حلمت أن أكون على متن مشحوف أغازل الطبيعة في مياه الهور،
رسمته على الورق وانتقلت بألوانه الى بندقية العراق، لكنني وجدته بلا ألوان،
الماء رحل، القصب والبردي شحبت ألوانهما، الطيور تذرف الدموع من أعالي السماء،
أصبح كل ما بها ذكرى على أرضه المتشققة التي خلدت شهداء الانتفاضة.
أنه الوطن المتصل بأعماق الأرض الشاهق للسماء مجسدا حريته التي لا تغيب.
مبروك لنا.. مبروك لعراقنا، لحضارتنا، لإرثنا.
قريبا سنقبل قصب اهوارنا وبرديها ونستنشق نسائمها، ونستطعم من خيراتها، فينيسيا الأزل.