مقولة تتكرر على مسامعنا إلا وهي أن ”السياسة فن الممكن“.
وأن تقول كذلك، فإنك توافق على إعادة تشكيل الواقع والارتقاء به، وفق مفاهيم متعددة تسعى جميعها نحو هدف معقول التحقيق وهو السلم العام.
إن العقل البشري المتوازن قادر على تحقيق الممكن من خلال تمتعه بحرية كافية تكون مساحتها عاملا مهما في تحقيق أهداف ما، وبضمنها تحقيق الممكن من خلال الكلمة والتعبير بها عن الرأي الصائب في نظر ذلك العقل على أقل تقدير.
لكن من المؤسف أن مجتمعاتنا العربية مازالت تحمل سيف عنترة وقسوة هند، فهي مجتمعات لا ترجح العقل في التعامل السلمي بل تنفعل بأدواتها القاتلة للقضاء على المخالف لرايها وهذه المأساة التي لا تعنى بالعقل المتزن.
إن اغتيال الكاتب الصحفي الأردني ناهض حتّر أمام بوابة قصر العدل في العاصمة عمّان، متجها بعقله المتزن لاستكمال محاكمته بالتهمة الموجهة له، إنما هي جريمة الممكن وليست فنه. وهنا يغلق الستار على السياسية وتعريفها.
كان ممكنا أن يكون ناهض حرا امام القضاء يدلي برأيه ويدافع عنه، لكن الخطر الكبير الذي أودى بحياته كان نتيجة التحريض الواسع الممكن في وسائل التواصل الاجتماعي على قتله ما يهدد بالنتيجة السلم المجتمعي في الأردن ويعمق الشرخ بين أبنائه وخاصة وسط المسيحيين.
ان حرية الرأي من أولى المبادئ التي يجب أن يتمتع بها الانسان، وعلى الدول وفق سياساتها أن تضمن ذلك وتحمي الحريات وتكفلها بأطر السلم المجتمعي الرصين.
أما كان من الممكن أن لا يغتال الكاتب ناهض حتّر؟
كلا.. انها استحالة الممكن!