أمي، عذرا إن برد الرغيف ولم أعد اشم مسكك وأحتسي شايك الفواح هيله.
أمي، عذرا لك، لن اعود هذه الليلة، سأترك وطنين، وطنا تشظى على قارعة ساحة التحرير، ووطنا سلبه اللصوص في ضوء النهار.
أمي، عندما طبق فرضته على الشعيرة، لم يسدد اطلاقته على فمي الذي رضع حليبك الطاهر وأنبت لحم بدني منه، رغم أنه كان يعلم أن سلاحي هو صوتي.
أصر على استهداف عيني لأنه رأى بناظور قناصته ان وطنا كاملا يرقد فيها، هو لم يستهدف حدقتي التي احتوته وغطته رموشي كما كنت تدثريني في ليال الشتاء المثلجة، بل هو استهدف العراق الذي في عيني.
تشظى الوطن وتناثرت الدموع تختلط بدماء ضحايا الحرية تحت نصبها.
أمي، هل عرفت كيف تشظى الوطن؟
تعالي غدا، لملمي ما تبقى منه واخلطيه بمسكك وضعيه على بوابات الأضرحة الطاهرة حناء بكفك المرتجفة.
امنحي حبيبتي بؤبؤه، شذرة في خاتم زفافنا المرتقب، وعداً من وطن يلملم جراحاته كي يعود.
وعندما تعودين، قبلي لي خبزك الذي برد، فإنني ما خرجت بصوتي هاتفا الا لحفظ طهارته ولصون دقيقه من تلوثات الإثم.
الحرية التي تعلمتها منك لم تعد تنفع في زمن الطغاة، فها هي سميرة مواقي امرأة صحفية تتضرج بدمها بإطلاقة قناص إرهابي، إلا أنه لم يستهدف عينها لأنها لا تحمل في حدقاتها نهرين كما حملته عيني التي انطفأت وأطفأت أضواء روحي المتعلقة بالعراق.