قريبا يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع للتصويت على من يمثلهم، ويمثلهم هنا ليست على مستوى العقيدة ولا القومية ولا الانتماء الى جهة خارجية، ولا من أجل مصالح ضيقة كالأمل بحصول مكاسب شخصية.
القول السائد هو أن حزب العمال يقف مع العامة ويحقق مكاسبه، وحزب الأحرار يقف مع أصحاب رؤوس الأموال لتحقيق اقتصاد متين، إضافة الى أن الحزبين لديهما مناهج متعددة في إدارة الدولة الغرض منها جميعا، إقناع الناخب بوضع علامة "صح" في مربع الاقتناع.
وقد بدأت الحملات الانتخابية الاعلانية دون المساس بشخصيات المتنافسين في الحزبين، بل تم التركيز على ماهية السياسة المستقبلية للبلاد في ظل فوز أحدهما على حساب الآخر.
انتخابات يتكرر فيها القول والحديث أن جميع الأحزاب هي وجوه لعملة واحدة، تكرر نفسها لإزالة الملل من خلال طروحات جديدة، قد تنسجم مع الحقيقة في التطبيق أو لا تنسجم، حتى بات الأمر مكشوفًا للناخب، وصار ذهاب الناخب الى صندوق الانتخابات لسبب واحد، هو تجنب دفع الغرامة المالية المفروضة على من لا يصوت!
وما بين انتخابات أستراليا والعراق ثمة تشابه في التنافس واختلاف بالمنهج.
إنها تتشابه في أن الأصوات توضع في صناديق الاقتراع وتختلف ما بعد ذلك، لم نر أو نسمع أن أحدا بدأ بتسقيط الآخر من أجل الفوز.
والتسقيط مشكلة ثقافية أصبحت ملازمة للوعي السياسي حتى أضحى أسلوب حياة.
وما بين انتقاد المنهج وإبراز نقاط ضعفه في المستوى الأسترالي، تظهر علينا أفكار مرعبة في التسقيط الفردي أو الفكري وصلت الى فقء العيون وتحويل الجمامجم الى "نفاضات" على المستوى العراقي في مرحلة الانتخابات أو مابعدها.
انتخابات أستراليا كما يتوقع لها ألا تكون ذات طابع قمعي، ولا تحمل إشارات للقتل أو التصفيات أو الحظر أو المنع، بل المنافسة بالمنهج المنطقي والبرهان وتقديم الخطط بما يخدم حاجة الجميع.
في أول تصريح له، قال موريسون، رئيس الوزراء، في الإعلان عن موعد الانتخابات إن الأستراليين يعيشون في أفضل دولة في العالم، لافتاً إلى أن مستقبل البلاد يعتمد على اقتصاد قوي، اقتصاد قوي وليس اقصاء الآخر وتسقيطه فكريا ومنهجيا وحتى أخلاقيا، وشتان ما بين المنهجين!.