لا أعرف من أطلق عبارة سقوط بغداد على احتلالها، ولا أعلم كيف انتشر هذا المصطلح كالنار في الهشيم حتى أصبح سائدا في الإعلام وعلى ألسن العامة، ربما أريد تشبيهه بـ "سُقُوطُ بَغْدَادَ" وهو الاصطلاح الذي يشير إلى دخول هولاكو الى حاضرة الدولة العباسية وعاصمة الخلافة الإسلامية، بعد أن حاصرها 12 يومًا، فدمرها وأباد معظم سكانها.
وما بين الاجتياحين ثمة تقارب وتشابه بالأهداف، في دك معالم الحضارة والعمران وقتل أهلها وإذلالهم.
وإذ احترق الكثير من المؤلفات القيمة والنفيسة بعد اضرام المغول النار في بيت الحكمة، اغتيلت العقول العلمية والفكرية بشكل ممنهج خلال الاحتلال الأمريكي وما بعده، فكلا المحتلين فتكا بأهل العلم والثقافة، ودمرا المعالم العمرانية والبنى التحتية.
وإن كان من ساعد على دخول المغول لبغداد هو ذاته من ساعد على دخول الامريكان لها، إلا أن أهالي بغداد أبوا الاحتلال، وإن جاء بشعار تخليصهم من الدكتاتورية التي جثمت على صدورهم سنوات طوالا، فميزهم فعلان لا فرق بينهما، صفع تمثال صدام بنعال مواطن عراقي، وقذف بوش بحذاء صحفي عراقي، فكلاهما عبرا عن رفضهما للظلم والظالم، وعن شجاعتهما في الوقوف مع المبدأ مهما تكن النتائج، وكان المشهدان رسالة تنطق بالحقيقة..
سقطت الدكتاتورية وعاشت بغداد حرة كريمة.