في ظاهرة باتت واضحة للمتطلع والمنظر والمتابع، أصبح الفكر والكلمة عنصرين يربكان المحيط السياسي الهزيل، لذا وبعيدا عن المتوقع ودون سابق إنذار، تخطفهما الرصاصات بغفلة عن حدسنا، وبغموض يعلو تخميناتنا، وقلق يغزو طمأنينتنا.
لقد أضحى الموت ايقاعا متكررا بمقامات مختلفة، فذاك مات بحادث، وهذا بمثقاب، وغيره برصاص الكاتم.
لقد فقد الموت جلاله عندما شاعت ثقافة الرصاصة، حتى كادت تتلاشى منه تلك الهيبة والرهبة التي تلازمه، نقف أمامه بذهول إزاء لونه الذي أضحى باهتا، وإيقاعه الذي خفت وطأته وبردت جذوة صدمته.
كلنا نعرف ان دوافع القتل واحدة، مفادها استمالة الجميع بالخوف والترهيب لاتباع ثقافة واحدة وعقيدة متفردة، فأصبح لزاما على الفكر والتفكر أن ينتحرا اضطهادا، أو أن ينتظرا الاغتيال على قارعة الطريق.
أصبحنا نودع بعضنا البعض ببرود، ونشيع الجنائز دون ضجيج ولا بكاء ولا نحيب.
كم من الراحلين غيلة، تعلقنا بفكرهم ولم نلقَهم سوى عبر الأثير!.
يا لحزننا وألمنا وخيبتنا.