جريدة الحقيقة/ وداد فرحان – استراليا
الصحافة مهنة نبيلة تعلمنا منها الدفاع عن الحقيقة التي نرى فيها خدمة الوطن والمواطن، ومن بحر علوم الصحافة تعلمنا كيف نبتعد عن شخصنة أية قضية تنبري أقلامنا للكتابة عنها، تجسيدا للموضوعية وخدمة العدالة، وهذا هو هدفنا ولاهدف سواه. فيما يتعلق بنشرنا الفساد الذي تاكدنا من وجوده في سفارة العراق في أستراليا. لقد كنا من الداعمين لسفارتنا وسفيرها مؤيد صالح، وكنا من السباقين في نشر أخبار ونشاطات السفارة والسفير، مستندين في ذلك على ثوابت عملنا كصحيفة عراقية من أولويات عملها الاهتمام بوجه العراق المتمثل بسفارته وجميع ملحقياتها في أستراليا، لكن حينما وقعنا على ما نعتقده فسادا في السفارة كان لابد لثوابتنا الوطنية العراقية أولا، والمهنية ثانيا، فضلا عن ثوابتنا الأخلاقية من أن نستنفر عزيمتنا بالوقوف لكشف الفساد أمام الرأي العام والحكومة العراقية، ولم نفكر حينها الا بالعراق وشعبه، علما أننا قبل ذلك حاولنا من خلال الحديث المباشر مع السفير تسليط الضوء على ما نعتقده من فساد يحوم حوله شخصيا، وحول السفارة، لكن آذانه لم تصغ لحديثنا حيث انشغل بالدفاع عن رموز الفساد في سفارته دفاعا مستميتا، بل وزاد على ذلك بتهديدات لم نكن نحسب لها حسابا في عهد الدولة العراقية الجديد. ووفق هذا نرد اليوم على رسالته التي بعثها لجريدتنا "الحقيقة" مستندين في ردنا على حقائق موثقة، لم نكن الجريدة العراقية الوحيدة في أستراليا التي أشارت ونشرت تفاصيلها..
وهذا ردنا:
أولا : نحن لا نتفق معك سعادة السفير في قولك أننا حينما نسلط الضوء على قضية فساد، أو شخصية تعمل بأي منصب في الحكومة العراقية، ان كان وزيرا، أو وكيلا، أو سفيرا فأننا نتهم بمحاولة تشويه سمعة العراق، ودليلنا القاطع حول ذلك أن الشعب العراقي يتظاهر اليوم في بغداد والعديد من المدن العراقية ضد الفساد والمفسدين، ويرفع صور كبار المسؤولين مطالبا بمحاكمتهم .. فهل هؤلاء المتظاهرون يشوهون سمعة العراق؟!!.
ثانيا: لقد وصلتنا المعلومات عن اتهام السفارة بالفساد قبل ايام قليلة، لذا قمنا بنشرها فورا من باب مسؤوليتنا الوطنية والمهنية، هذا من جانب، ومن جانب آخر بودنا الفات نظركم بأن لا دخل للوقت في قضية مناقشة أو نشر ملفات فساد ان مضى عليها سنة أو سنوات فالأمر سيان بالنسبة لنا كصحافة، إذ لابد لنا من وضعها على طاولة الحكومة والرأي العام، ولا تنسى يا سعادة السفير أن العراق يغلي كله ضد الفساد والمفسدين في هذا الوقت تحديدا، لاسيما بعد مطالبة المرجعية الدينية في النجف الأشرف بضرب الفساد والمفسدين بيد من حديد. نحن هنا لا ندينكم بالفساد لأننا لسنا قضاة، لكن من واجبنا وضع الشبهات أمام الجهات المختصة لغرض التحقيق فيها.
ثالثا: جاء في رسالتكم " وهذا ما أغاظ الحانقين علينا، وعلى هذا البلد الطيب ". ومعلوماتنا يا سعادة السفير تؤكد أن المعنيين "بالحانقين " في رسالتكم كانوا من المقربين للسفارة والسفير، بل أن جريدة بانوراما التي نرأس تحريرها كانت تضع نشاطاتكم ونشاطات السفارة كخبر رئيسي في جريدتنا بلا ثمن ولا طمعاً، وقد حصلت الانعطافة بعد اللقاء الذي أجريته معك حول "المهزلة" التي حصلت مع السيدة ليلى أحمد كاظم الدبلوماسية في السفارة، ومن ثم الرسالة التهديدية التي وصلتني من زوج سكرتيرتكم الشخصية، وهو المسؤول الإعلامي في السفارة، وكذلك رسائلك التهديدية التي بعثتها لي عبر الهاتف... هذه التداعيات وغيرها كشفت أوراق فساد عديدة كانت تصلني خلال هذه المرحلة وكان لزاما علينا من باب الأمانة الصحفية أن ننشرها، وبالمناسبة يا سعادة السفير فقد علمنا أن جريدتنا لم تكن هي الجريدة الوحيدة في أستراليا التي كشفت قضايا الفساد في سفارتكم، بل أن جريدة الفرات التي تصدر في أستراليا كانت تنشر في تلك الفترة نفس القضايا، فضلا عن قضايا فساد أخرى. لذا نرجو يا سعادة السفير أن لا تزج البلد الطيب في مثل هذا الخلاف، إذ أن " الحانقين " الذين تعنيهم لديهم مواقف لا تعد ولا تحصى للدلالة على وطنيتهم وانتمائهم لهذا البلد العزيز، وآخرها موقفهم المشرف والبطولي مع الحشد الشعبي المجاهد في تحرير الأراضي المحتلة من قبل تنظيم داعش، فضلا عن إعلانهم الانضمام الى الحشد الاعلامي الذي تبنته جريدة الحقيقة وعدد من الصحف العراقية الشريفة في العراق، ونحن الصحيفة الوحيدة في أستراليا التي أعلنت انضمامها لحشدنا الإعلامي.
رابعا: جاء في رسالتكم "هل من الشجاعة كما ذكرت، أن يقوم احد بالصاق تهم ملفقة بالأخرين من اجل تشويه سمعتهم. انهم يحاولون الصاق التهم الرخيصة على مسؤول نزيه يعرفه القاصي والداني، وهم لا يقدرون بلدهم وهو في مخاض عسير.. هل للشجاعة ان تختلق القصص البعيدة عن الواقع؟ لا اعتقد ذلك..".
لم نجد في ما نشرنا في جريدة الحقيقة أي تهم رخيصة، كما ذكرت، بل نشرنا حوارا صحافيا بين رئيس تحرير جريدة، وسفير، فيه أسئلة وفيه أجوبة، والحوار موثق لدينا، ولم يكن لكم أي اعتراض على ما جاء في إجوبتكم عليه في حينها، بل كنتم مستائين من نشره كون الأسئلة التي وردت فيه كانت عبارة عن اتهامات وشبهات يتحدث عنها الشارع العراقي في أستراليا، فضلا عن معلومات وتذمرات مصادرها من موظفين في السفارة.. هذا كل ما جاء في ما نشرناه في الحقيقة...
ونكرر سؤالنا لسعادتك: ما علاقة البلد ومخاضه العسير في كشف حقائق تخص هذا المسؤول، أو ذاك، بل بالعكس أننا نجد أن كشف الفساد، أي فساد، لمسؤول في الحكومة العراقية سيساهم في خلاص العراق من هذا المخاض العسير، ونؤكد أن من أوصل العراق الى هذا المخاض العسير هو فساد المسؤولين الحكوميين.
خامسا: لسنا بصدد مناقشة قضية الوكيل الآن، إذ سنخصص لها الوقت المناسب، حيث لدينا علامات استفهام عديدة حول سفرته " السياحية " الى أستراليا.
سادسا: لقد فهمنا أن طردكم الدبلوماسية ليلى أحمد كاظم من السفارة والمشاجرة المخزية التي حصلت بينكم وبينها في بوابة السفارة حصلت كونها سربت معلومات خطرة من السفارة الى الصحافة العراقية في أستراليا.. !!.
سؤالنا: ما هي هذه المعلومات الخطرة... لقد فهمنا أيضا أن السبب الحقيقي لطردها هو علاقتها السيئة مع سكرتيرتكم الشخصية حول الصلاحيات الكبيرة التي منحتها للسكرتيرة والتي وصلت الى أن موظفة محلية تفرض أوامرها على دبلوماسية بدرجة سكرتير أول بالسفارة، وهو الإمر الذي رفضته هذه الدبلوماسية؟.
وأخيرا يا سعادة السفير بودنا لفت انتباهك الى قضايا الفساد في سفارتكم وأهمها:
أولا: تعيين سكرتيرة شخصية عربية الجنسية ومعلوماتنا تؤكد أن صلاحيتها الإدارية تجاوزت على صلاحيات الشخص الثاني في السفارة والقنصل، بل أصبحت هي الآمر والناهي في السفارة، وهي التي تفتح البريد ان كان عاديا، أو سريا وشخصيا، وهذا الأمر تحديدا فيه خطورة أمنية وسياسية.
ثانيا: ان مسؤول السفارة الإعلامي هو عربي الجنسية (سوري)، وهو بعثي وكان يعمل بالسفارة السورية قبل اغلاقها من قبل الحكومة الأسترالية، وكان من أشد الداعمين والمساندين لما كان يسمى في العراق "المقاومة الوطنية" ، المتمثّلة في البعثيين وأزلام تنظيم القاعدة الإرهابي. ونستغرب هنا تعيين مثل هذا البعثي في مكان حساس وخطر في السفارة المتمثل بالإعلام علما أن أستراليا وسيدني تحديدا زاخرة بالأسماء الإعلامية الكبيرة..!!.
ثالثا: ان تعيين زوج وزوجته في السفارة يعد مخالفة ادارية وقانونية، حسب معلوماتنا، وحسب ما جاء في تصريحات وكيل الوزارة للشؤون القانونية في حواره معي.
رابعا: كادر السفارة من الموظفين المحليين ليس بينهم الا موظفة عراقية واحدة، إذ جميعهم من جنسيات سورية ولبنانية وجنسيات أخرى، (قامت سكرتيرتكم بتعيينهم)، وآخرين من جنسيات مختلفة وقد علمنا أن هناك معاناة حقيقية تواجه المتصلين من المواطنين العراقيين على البدالة، إذ يواجهون صعوبة فهم متطلبات معاملاتهم بسبب اختلاف اللهجة.
خامسا: وردتنا معلومات خطرة حول بيع السكائر ومواد أخرى تشتريها السفارة من السوق الحرة وهي على شكل حصص للعاملين في السفارة من الدبلوماسيين من دون أن يتم استلامها من قبلهم. ( لدينا وثيقة تؤكد ذلك، فضلا عن صحف نشرت كتابا رسميا صادرا من السفارة يؤكد هذه الحقيقة).
سادسا: ان عدم استقبالكم المنتخب الوطني العراقي في سيدني أو إرسال ممثل عنكم، والأدهى من ذلك هو عدم استقبالكم له في مدينتكم كانبرا فيه دلالات مخجلة، فهذا منتخب البلد الطيب يا سعادة السفير، هذا منتخب العراق يا سعادة السفير وشرف لأي مسؤول عراقي استقباله ورعايته.. أرجو أن لا تتحدث عن الدعوات التي قمت بها لاحقا للمنتخب فقد ترك عدم استقبالكم لهم انطباعا قاسيا لا يمحوه " نفر كباب" أو " نفر تكة ".
سابعا: تم الفات نظركم الى أن القنصل العام السيد باسم داود مرتبط بعلاقة مع مواطن عراقي له ارتباطات مع منظمة عالمية محظورة في العراق، وقد كانت ردة فعلكم عنيفة تجاه هذه العلاقة، لاسيما بعد أن تأكدتم من ارتباط هذا الشخص من خلال الصور والوثائق التي وصلتكم والتي تؤكد هذا الارتباط بما لا يقبل الشك، لكنكم الآن ترتبطون مع هذا الشخص نفسه بعلاقة وثيقة جدا، علما أن السيد القنصل العام قد أعلن رسميا قطع علاقته بهذا الشخص حال وصول الصور والوثائق المتعلقة به !!.
- لن نسألكم يا سعادة السفير عن انجازات سفارتكم فهذا جزء من مهام عملكم، بل نسألكم عن إنجازاتكم حول معاناة الطلبة المبتعثين الى أستراليا الذين تظاهروا مطالبين برواتبهم الشهرية.. ما الذي فعلته السفارة لهؤلاء الطلبة؟.
- لن نسألكم يا سعادة السفير عن انجازات السفارة في دولة فيجي العظيمة، بل نسألكم عن أحمد الناصري الشخص الثاني السابق في السفارة الذي طلب اللجوء في أستراليا.. هل أصدرتم بيانا حينها حول هذا الموضوع تشرحون فيه وجهة نظر السفارة للجالية العراقية في أستراليا، أم سكتم عن هذه الحالة المخزية؟.
- لن نسألكم يا سعادة السفير عن إنجازات السفارة، بل نسألكم عن رفض القنصل في السفارة ترويج العديد من معاملات أبناء الجالية العراقية في أستراليا بحجج ومبررات غير قانونية والدليل على هذا أن هذه المعاملات نفسها قد تم إنجازها من قبل القنصلية العامة في سيدني.
- لن نسألكم ياسعادة السفير عما حصل من اهمالك السياسيين من رفحا الذين وقفوا امام السفارة مطالبين سلميا بايصال صوتهم الى الحكومة من خلالك وانبت لهم سائقك الهندي، وأهملت هذه الشريحة المهمة، ونسألك عن اكثر من ثلاثين الف طالب لجوء متعلقة قضاياهم لدى الحكومة الأسترالية منذ اكثر من أربعة أعوام؟
وأخيرا يا سعادة السفير بودنا إعلامكم أن ردكم ابتعد جدا عن تفاصيل ما نشر في جريدة الحقيقة، حيث انشغلت بأمور لا علاقة لها بالموضوع، ولم تجبنا عن موضوعات كثيرة مثل موضوع الدبلوماسية ليلى أحمد كاظم، لكنك مضيت الى اتهام كتاب عراقيين بتهم غير واقعية، وهم المعروفون بوطنيتهم واخلاصهم للعراق.