النضال من اجل حقوق الإنسان ، ذلك هو الهدف والشعار الذي ترفعه عاليا منظمة العفو الدولية ، ويفترض بان تكون المنظمة كما تذكر في أدبياتها أنها مستقلة عن إي ايديولوجية سياسية أو مصالح اقتصادية أو دينية ، كما يفترض بالمنظمة أن تقوم بالتحقيق وكشف الحقائق في الانتهاكات أينما تقع ، ودعم الناس للمطالبة بحقوقهم .
ولعل المحاور الرئيسية في عمل المنظمة المتمثل في المطالبة بإطلاق سراح جميع سجناء الرأي؛ الذين يُعتقلون في أي مكان بسبب معتقداتهم السياسية أو الدينية، أو أية معتقدات أخرى نابعة من ضمائرهم، أو بسبب أصلهم العِرقي، أو جنسهم، أو لونهم، أو لغتهم، أو أصلهم القومي أو الاجتماعي، أو وضعهم الاقتصادي، أو مولدهم، أو أي وضع آخر، دون أن يكونوا قد استخدموا العنف أو دعوا إلى استخدامه. بالإضافة الى ضمان إتاحة محاكمة عادلة لجميع السجناء السياسيين على وجه السرعة. والعمل على إلغاء عقوبة الإعدام والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة التي يلقاها السجناء.
وضع حدٍ لعمليات الاغتيال لدوافع سياسية، وحوادث "الإخفاء". معارضة الانتهاكات التي ترتكبها جماعات المعارضة المسلحة، مثل اعتقال سجناء الرأي، واحتجاز الرهائن، والتعذيب، وأعمال القتل دون وجه حق، كما تسعى المنظمة إلى حث هذه الجماعات على احترام حقوق الإنسان.
مساعدة طالبي اللجوء، الذين يتهددهم خطر إعادتهم إلى بلدٍ يصبحون فيه عرضةً لانتهاك حقوقهم الإنسانية الأساسية.
التعاون مع المنظمات غير الحكومية الأخرى، ومع الأمم المتحدة، والمنظمات الحكومية الدولية والإقليمية، من أجل إعلاء شأن حقوق الإنسان.
و السعي إلى ضمان وضع ضوابط للعلاقات بين الدول في المجالات العسكرية والأمنية والشرطية، بما يكفل احترام حقوق الإنسان. وتنظيم برامج لتعليم حقوق الإنسان وتعزيز الوعي بها.
ومثل هذه المحاور والأهداف الإنسانية تجسد الوقوف إلى جانب الضحايا والدفاع عن حقوق الإنسان.
ولست في معرض الدفاع عن حكومة إقليم كوردستان العراق، ولا بنفي الاتهامات الموجهة لهم في تقرير المنظمة، إلا إنني اسأل عن موقف المنظمة من المجرمين المتعاونين مع التنظيمات الإرهابية من سكنة القرى المتجاورة مع قرى الأيزيديين، من الذين قاموا بالمشاركة مع التنظيم الإرهابي بقتل رجالهم وسبي نساؤهم وتشريدهم في الجبال والبراري، ومن ثم الاستيلاء على ممتلكاتهم والتصرف حتى بمحاصيلهم ومزروعاتهم !!!
أن وقوف المنظمة موقف المتفرج لا يلغيه إدانة العمليات الإرهابية، فأغلب البيوت الأيزيدية في قرى سنجار تم سبي نساؤهم، ولم تزل أعداد كبيرة منهن أسيرات ويتم بيعهن في سوق النخاسة، ولم يزل بعض ممن فقدوا الضمائر والشرف يسهلون عمليات البيع والاغتصاب والاتجار بالبشر. أما كان الأجدر بالمنظمة أن تولي عملية عودة الايزيديين والشبك إلى قراهم المحررة من داعش ومن تعاون معها من عرب المنطقة الاهتمام والتركيز ؟
إن الحيادية في المواقف هي من يعزز المصداقية، ومن الطبيعي أن تكون معالجة الأخطاء والجرائم بأخطاء وجرائم لايمكن قبولها أو السكوت عنها، غير أن المعضلة التي لم تتعرض لها المنظمة الدولية، هي إشكالية عودة العوائل الايزيدية وأمام بيوتهم المتهدمة بيوت الجناة ، وعودة أهل هذه البيوت دون ممتلكاتهم التي باعها الجناة واحتفظوا بالباقي في بيوتهم على أساس إنها من أموال السبي والغنائم، وإشكالية طبيعة العلاقة بين هذه العوائل وهم الذين شاهدوا بناتهم ونساؤهم أسيرات يقودها هؤلاء ويسلموهن إلى الإرهابيين من (داعش) الذين انخرطوا في جرائمه وساهموا بشكل فعال في جميع عمليات القتل والتشريد والسبي والملاحقة ، حتى يمكن أن تتحقق عمليات التعايش السلمي بين هذه الأطراف .
هل عرفت المنظمة ومن كتب التقرير بأن بنات ونساء الأيزيدية لم تزل حتى هذه اللحظة بيد التنظيم الإرهابي ؟ وما قيمة المال والممتلكات أمام الشرف والكرامة والحزن ألإنساني الذي يطغي على المشاعر جراء فقدان النساء!!
وكان على المنظمة أن تتأنى في توجيه الاتهام لطرف من أطراف القضية، حيث أن مثل هذا الاتهام يعزز من موقف مرتكب الجريمة، ويدعم الجناة، فتهديم البيوت سنة اتخذها داعش ضد خصومه، وتفخيخ البيوت وتفجيرها طريقة ابتكرها داعش وذيوله من أهل القرى التي تحيط بسنجار.
كان بودي لو أطالع موقف المنظمة من سبي الشابات الايزيديات وانتهاك شرفهن وكرامتهن ومن ثم بيعهن كرقيق ، وكان بودي لو أطالع موقف المنظمة للمساهمة في دعم الناجيات من براثن وأنياب البهائم الكاسرة بالعلاج النفسي والاجتماعي ، وكم كان بودي لو ساهمت المنظمة في تخفيف حدة الأحقاد والكراهية التي ملأت النفوس، وكم كان بودي لو عمدت المنظمة إلى حصولها على المعلومات الأكيدة من أطراف محايدة، وهي المنظمة التي تؤكد استقلاليتها وحياديتها في العمل، وعدم الانجرار في التقرير إلى السياسة والابتعاد عن الموضوعية والحياد.
على المنظمة أن تضع كافة المعلومات أمامها لتتمكن من عرضها على خبراء حقوق الإنسان والخروج ببيان يؤكد مصداقيتها وحياديتها ، وعلى المنظمة اعتماد التوازن والموضوعية والدقة في التوصيفات فالضحية لم تزل تئن من عمق جراحها ، والجاني لم يزل يحمل سكينة يحز بها الرؤوس ، والضحايا هم الأكثر حاجة لأن تكون المنظمة إلى جانبهم.
لذا نجد أن سياق البيان الذي اتخذ من تقارير صحافية واستنتاجات بعيدة عن الواقع وتتعارض مع الحقيقة، ولا تعتمد سياق المعلومة من واقعها يشكل بحد ذاته استهدافا لمكون عراقي تعرض ولم يزل يتعرض لأبشع هجمة بربرية في التاريخ البشري.