تقول المادة ( 14 ) من الدستور العراقي بان العراقيين متساوين امام القانون دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الراي او الوضع الاقتصادي او الاجتماعي، وهذه المساواة تحقق العدالة في حقوق الانسان وحريته، فتجعل جميع العراقيين سواسية امام القانون، سواء كان هذا العراقي فردا من ابناء عموم الشعب العراقي او مسؤولا حكوميا او سياسيا مهما علت منزلته الوظيفية ومركزه السياسي.
كما ان كل متهم مهما كانت جريمته المسندة اليه يوفر له الدستور والقوانين النافذة الضمانات الكافية لحمايته حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية عادلة، ووفق هذا الإطار فأن الجميع يخضع الى القانون دون تمايز أو استثناء، الا ما جاء به الدستور في المادة (63 ) من تمتع عضو مجلس النواب بالحصانة عما يدلي به من اراء في اثناء دورة الانعقاد، ولايتعرض العضو للمقاضاة امام المحاكم بشأن ذلك، كما لا يجوز القاء القبض على العضو خلال مدة الفصل التشريعي الا اذا كان متهما بجناية، وبموافقة الاعضاء وبالأغلبية المطلقة على رفع الحصانة عنه، او اذا تم ضبطه متلبسا بالجرم المشهود في جناية.
كما نص قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل ضمن المادة ( 11 ) منه على عدم سريان القانون على الجرائم المرتكبة في العراق من قبل الاشخاص المتمتعين بحصانة مقررة بمقتضى الاتفاقيات الدولية او القانون الدولي او القانون الداخلي، بالإضافة الى الحصانة القضائية التي منحها القانون للقضاة. وسبق ان كان العمل بنص المادة (136 ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية التي تنص على عدم جواز احالة الموظف على المحاكمة امام المحاكم الجزائية في جريمة ارتكبت اثناء تأدية الموظف لوظيفته او بسببها مالم يتم استحصال موافقة الوزير المختص، وقد تم الغاء هذه الفقرة من النص بقانون، وأصبح القانون يسري على الموظف دون استحصال موافقة الوزير المختص، وبذلك ينسجم النص مع الدستور في مساواة العراقيين امام القانون.
وفي حالة اتهام اي مسؤول في الحكومة العراقية بأي إتهام مهما كان مركزه الوظيفي سواء شكل الاتهام جناية او جنحة او مخالفة، فأن (قاضي التحقيق) حصرا يتولى التحقيق في القضية وفق القانون، ويتم اجراء التحقيق بحضور ممثل الادعاء العام والمحامي المنتدب للمتهم بجناية او جنحة لمن ليس له محام يدافع عنه وعلى نفقة الخزينة العامة، واستنادا الى الشرعية القانونية ونصوص الدستور التي جعلت من العمل القضائي مستقلا لا سلطان عليه لغير القانون، بمعنى ان لا سلطة فوق سلطة القاضي سوى السلطة التي قررها القانون في وجود ضمانات وسبل لتدقيق القرار القضائي من قبل هيئة قضائية اعلى من الهيئة التي اصدرت القرار ، فقرارات قاضي التحقيق يتم تمييزها والطعن بها من قبل المتهم أو وكيله أو نائب المدعي العام ، وبناء على هذا الطعن بالقرارات والأحكام يجري تدقيقها من قبل محكمة الجنايات المختصة والتي يقع اختصاص قاضي التحقيق ضمن مجال عملها القضائي، واحكام وقرارات قاضي الجنح يتم الطعن بها وتمييزها وتدقيقها من قبل محكمة الاستئناف الاتحادية التي يقع ضمن اعمالها، واحكام وقرارات محاكم الجنايات في العراق كافة يتم الطعن بها وتمييزها وتدقيقها من قبل محكمة التمييز الاتحادية، كما يمكن الطعن حتى بقرارات محكمة التمييز الاتحادية عن طريق طلب تصحيح القرار التمييزي امام الهيئة الموسعة لمحكمة التمييز الاتحادية نفسها .
ويخطئ من يعتقد ان عمل القضاة يخضع لطلب أي مسؤول قضائي أو حكومي مهما علت منزلته، ولم يحدث ولايمكن ان يتدخل رئيس مجلس القضاء الأعلى أو رئيس جهاز الادعاء العام او رئيس هيئة الأشراف القضائي او رئيس محكمة الاستئناف أو رئيس محكمة الجنايات بالقرار القضائي شخصيا، ولايمكن توجيه القاضي لإصدار القرار خلافا لرأيه وقناعته في تحقيق العدالة، وكثيرا ما نسمع تصريحا في الأعلام او كلاما ينم عن عدم المعرفة بحقيقة استقلالية القرار القضائي، وعن جهل كبير بآلية صدور القرار القضائي، كما أن تأكيدات مجلس القضاء الأعلى واعماماته المتعددة تؤكد على هذا الاتجاه ، طموحا لتعزيز مبدأ استقلالية القضاء وترجمته الى واقع ملموس في الفعل والعمل، وتأكيدا لنص المادة ( 88 ) من الدستور التي تنص على ان القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولايجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة. وقد عاقب قانون العقوبات ضمن المادة ( 233 ) منه كل موظف بشكل عام او اي مكلف بخدمة عامة توسط او حاول التدخل في عمل القضاة أو التأثير على قناعتهم القانونية بأية طريقة كانت سواء لصالح احد الخصوم أو الأضرار به، كما يعاقب القاضي نفسه اذا ثبت انه اصدر حكما نتيجة التوسط او التدخل او التأثير على قناعته القانونية بأية طريقة كانت يتولى قضاة التحقيق التحقيق الابتدائي والمحققون تحت اشراف قضاة التحقيق وبحضور نيابة الادعاء العام، ويقوم قاضي التحقيق بالتحقيق في جميع الجرائم بنفسه او بواسطة المحقق تحت اشرافه، واذا تبين له انه غير مختص بالتحقيق في الجريمة (مكانيا) فله ان يحيل القضية الى قاضي التحقيق المختص، وفي حال حدوث تنازع بين المحكمتين تحال القضية الى محكمة الجنايات بصفتها التمييزية اذا كانت المحكمتين ضمن اعمالها، وفي حال خارج منطقة الاختصاص تحال القضية الى محكمة التمييز الاتحادية.
ويكون لقاضي التحقيق سلطة اصدار اوامر القبض والتوقيف والتفتيش وسماع الشهود واستجواب المتهمين وكافة ذوي العلاقة واطلاق السراح بكفالة، ولايجوز القبض على اي شخص او توقيفه الا بمقتضى امر صادر من قاضي او محكمة او في الاحوال التي يجيز فيها القانون ذلك، واذا صدر امر القبض واقتضى تنفيذه خارج منطقة اختصاص القاضي الذي اصدره فعلى الشخص المكلف بتنفيذه ان يقدمه الى القاضي الذي ينفذ الامر للتأشير عليه بالتنفيذ، واذا تم تنفيذ الامر بالقبض على المتهم وكان خاليا من جواز اطلاق سراح المتهم بتعهد او بكفالة فعلى القاضي توقيفه وارساله مخفورا الى القاضي او المحكمة التي اصدرت الامر بذلك.
وإذا صدر امرا بالقبض على متهم بارتكاب جناية وتعذر تنفيذه فلقاضي التحقيق وللمحكمة الجزائية بموجب المادة ( 121 ) من الاصول الجزائية إصدار قرار بحجز الاموال المنقولة وغير المنقولة للمتهم، وترسل الأوراق الى محكمة الجنايات المختصة فورا، فاذا ايدت قرار الحجز ارسلت نسخ منه الى السلطات المختصة لتنفيذه ونشره في الصحف المحلية والإذاعة وغيرها من طرق النشر، ويطلب من المتهم تسليم نفسه خلال ثلاثين يوما ،وفي حال عدم تسليم المتهم نفسه خلال المدة المذكورة يصار الى تسليم الأموال المحجوزة الى حارس قضائي، واذا سلم المتهم نفسه او تم القبض عليه ردت اليه امواله المحجوزة.
ووفقا لنص المادة ( 135 ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية اذا لم يحضر المتهم امام قاضي التحقيق او المحقق ، ولم يتسن القبض عليه رغم استنفاذ طرق الاجبار على الحضور المنصوص عليها في القانون، وكانت الادلة تكفي لأحالته على المحاكمة، فيصدر القاضي قرارا بإحالته على المحكمة المختصة لأجراء محاكمته غيابيا .
أن الموظف والمسؤول لا يتمتع بأية حصانة يوفرها القانون ، كما ان جميع القرارات تخضع لطرق الطعن القانونية والتي نظمها القانون ،وبالتالي فأن جميع العراقيين مهما كانت وظائفهم يخضعون للقانون سواسية دون تمييز، وأن لكل فرد الحق في ان يتم التعامل معه معاملة عادلة في الإجراءات القضائية وأمام المحاكم. أن النصوص القانونية لاتضع للمركز الوظيفي أية أفضلية على بقية المواطنين، مادام المتهم بريء حتى تثبت ادانته، وكل مواطن يخضع للتحقيق يتم تطبيق الإجراءات القانونية التي نص عليها قانون أصول المحاكمات الجزائية، وليس لأحد الاحتجاج بتميزه عن باقي الافراد مهما كانت الأسباب، لأن الإجراءات التي رسمها قانون أصول المحاكمات الجزائية عامة تنطبق على الجميع، وتجسيدا لمبدأ المساواة أمام القانون يتوجب على الجميع احترام القانون والقضاء لأنهما السبيل الوحيد لترصين طريق العدالة والوصول الى القرار العادل .