العراق بلد النهرين والخيرات، وبلاد القباب الذهبية والجوامع الجميلة، وبلاد الشمس والطيور والأسماك، بلد النخيل والبساتين والأهوار، بلد السومريين والبابليين والأكديين والعباسيين وبلد الثورات، بلد الطين الحري المتميز بثرواته المتعددة منذ بدء الخليقة، والعراق الغني بما حباه الله به من انهار وأهوار وأراض خصبة وثروات معدنية وتنوع جغرافي وطبيعة ساحرة وجبال وعقول انارت للبشرية طريقها وحضارت سادت ثم بادت.
العراق الذي كان يطعم الجياع ويتصدق على البلدان الفقيرة ويتبرع للأخوة والأشقاء ويتسابق في منح الدول الفقيرة والمنكوبة هباته السخية، من ماله وتموره وطعامه ونفوطه وعقوله البشرية.
وتدور عجلة الزمن من دولة أور وسومر وبابل والمناذرة والحيرة والفتح الأسلامي والدولة الأموية والعباسية وهولاكو ودولة الخروف الأبيض والأسود والبويهيين والأخشيديين والعثمانيين ومملكة العراق والجمهوريات المتعاقبة وانتهاء بأنقلاب البكر – صدام السيء الذكر ليبدأ زمان العهر والقهر والطغيان والذي كان نهاية عهود الخير والرخاء والرفاهية.
وبالرغم من تكدس المليارات من الدولارات في خزائن الدولة من اموال النفط وفي جيوب المتسلطين علي السلطة، وبالرغم من الأغداق الفاحش للمال العام وبعثرته على النماذج المنافقة التي لاتستحق سوى الأهمال وعدم الألتفات اليها، وبالرغم من الأنفاق المجنون والأستحواذ على الخزينة حيث الغيت الميزانية العامة وأضحت من أموال الطاغية، فقد كان المال العراقي يكفي لأن يعيش الناس برفاهية ويتنعموا بحياتهم مهما كان الزمن رديئاً.
كانت الأرقام بالمليارات حين كانت ميزانية الدول النفطية بالملايين، وأصبحت الدولة العراقية متخمة بالمال، لكن الرئيس البائد أستطاع ان يبدد ثروات العراق بشكل لايصدق، حيث وضع نصب عينية أن يتم أفقار العراقي وأذلاله تحقيقاً لأمراض نفسية مسيطره على عقله الدوني، وأن يجعل العراق محتاجاً وفقيراً دائماً، وأنفق المليارات التي كان لها أن تعيد ليس فقط بناء العراق وإنما أيجاد أسس وركائز لمستقبل جميل للأجيال العراقية القادمة، لكن أن تتم عملية أسقاط الدكتاتور، ليصير العراق الجديد غارق فوق أذنيه بالديون التي مابلغتها دولة من الدول حتى الفقيرة منها، ولم يتعرف الناس لحد اللحظة من المسؤول عن أخفاء وسرقة المليارات.
ان بلوغ مديونية العراق هذه الأرقام المرعبة وغير المعقولة خيانة وطنية ماوصلتها الا خيانة صدام للأنسان العراقي في مقابره الجماعية وسجونه وتضحيات ابناءه البررة والقضاء عليه.
وليس فقط مديونية العراق وأيصال العراق الى تحت خط الفقر، انما التخريب الذي عم المجتمع ومفاصل الحياة في العراق، أذ ليس من المعقول أن يصل الرقم الى 122 مليار دولار بالآضافة الى ديون البنك الدولي، فأي مبالغ يحتاجها العراق اليوم لأعادة أعمار المدن التي خربها الأرهاب وعافتها السلطة، وعاثت بها اصابع الفساد لتتركها خاوية.
فأي تخريب هذا؟ وأي خيانة هذه؟
كم تم هدر الفرص التي تضمن مستقبل الأجيال القادمة في الحياة الحرة والكريمة؟
ومن هي الأسماء التي سرقت العراق ومارست الأحتيال لتسرق الاعمار والمستقبل؟ من هؤلاء الذين سرقوا بسمة الأطفال وضحكات الأمهات؟ ماسر الأسماء التي تختفي والسرقات التي يتم التستر عليها؟ وماهو لغز عدم قدرة الدولة العراقية على محاسبة المفسدين والمتهمين بالفساد؟
كيف يمكن تخطي محنة القحط والبلاء والعجز الفاضح في خزينة العراق؟ اليس من حقنا أن نتساءل ماذا سيكون العراق بعد حين؟