تلعب قناة الجزيرة القطرية دورا سلبيا في مهمات عديدة نجحت في البعض منها، ولعل من أبرزها تقريب وجهات النظر الصهيونية - الإسرائيلية إلى المشاهد العربي، وأيضا تزوير الحقيقة في إبراز الوجه البشع للتنظيمات المتطرفة والإرهابية على أنها تنظيمات ثورية وشعبية ودينية، ومن بينها أيضا تجميل الوجه اليميني الكالح لتنظيم الأخوان المسلمين، ومهمات أخرى لا مجال لتعدادها أو سردها لضيق المجال. قناة الجزيرة مؤسسة إعلامية تستخدمها المؤسسة السياسية القطرية في تسويق تعاملها مع الأحداث، وهذا شأنها وحق من حقوق الدولة الصغيرة التي تعدت حجمها وفق النفخ الذي قرره اللاعبون السياسيون في المنطقة، ووفقا لما تقرره السياسة والمصالح الأمريكية والإسرائيلية وبعض الجهات التي تستقوي بها وتستند عليها في مواقفها المرسومة سلفا.
وتدريجيا فقدت هذه القناة ليس مصداقيتها فقط، بل كشفت عن وقوفها بالضد من الفكر الحر والرأي المستقل، من خلال أهدافها الحقيقية كونها مؤسسة متعاطفة ومتفاعلة مع التنظيمات ألإرهابية في المنطقة، ولعل نشرات ألأخبار المتناقضة بين التي تبثها القناة باللغة الإنكليزية وبين تلك التي تبثها باللغة العربية خير دليل واضح على هذا التناقض، حيث تختلف النشرتان كليا ويتم تحريف الأخبار بقصد في النشرة العربية، بالإضافة إلى التعامل المزدوج بوجهين متناقضين بين السياسة والأعلام، بالإضافة إلى التصيد في الماء العكر في ما يتم طرحه في القناة.
من خلال التشابك وضياع المصداقية والانحياز إلى جهات معينة فقدت القناة مصداقيتها، وابتعدت عن مهنيتها كليا، ووفق استبيان قامت به ((مؤسسة يمرس الدولية)) فأن العدد الأكبر من المستبينة آرائهم يشككون في مصداقية القناة وموضوعيتها بنسبة 76%، وهذا يدل على تراجع مهنية القناة وتدني مشاهديها في العالم العربي بعد أن كانت تحتل اكبر نسبة مشاهدة في الوطن العربي، واغلب المستبينة آرائهم يرون في ملاحظاتهم بان هدف الجزيرة خلق حالة فوضى فكرية وثقافية وهو ما يتطابق مع المشاريع الخارجية للمنطقة، وقد تجلى ذلك في الثورات العربية وفي بعض برامج القناة مثل ( الاتجاه المعاكس)، والذي يمثل عراك الديكة مثل ما يسميه البعض، حيث يعتمد على الشتائم والقذف والنعوت التي لا تليق بالتمدن ولا باحترام الفكر والرأي، وفي اللجوء إلى الأساليب الهمجية المتخلفة في الاشتباك بالأيدي وقذف الأشياء، ويدفع باتجاه إظهار حجم التخلف والتدهور في احترام الرأي والرأي الآخر.
أوضحت الملاحظات بان القناة تطابقت في أكثر من مرة مع سياسة قطر الخارجية والداخلية، وهي أيضا لم تتعرض للقضايا الداخلية القطرية مثل حقوق الإنسان وتركيبة الدولة وأسس الحكم الرشيد وإسقاط الجنسية والأحكام التعسفية للمفكرين والمعارضين. والقواعد الأجنبية والعلاقات مع إسرائيل. رأى 120 فردا بنسبة 40% هناك تطابق تام بين السياسة القطرية وتوجه القناة، بمعنى التزام الجزيرة بموقف قطر السياسي، وستكون تغطياتها الخبرية والإعلامية تبعا وهذا الموقف من حيث القبول والرفض.ولعل انكشاف ارتباط العديد من القائمين على إعداد البرامج والنشرات بتنظيمات الأخوان المسلمين والتنظيمات السلفية والإرهابية واعتقال عدد منهم بتهمة الإرهاب وثبوت التهمة والحكم عليهم، وأقالتهم وإبدالهم بآخرين لهم نفس الالتزامات والأفكار دليلا أكيدا على المنهج الثابت للقناة القطرية. وفي أكثر من مرة يلجأ المسؤول القطري إلى المراوغة حين يتم حشره بسؤال عن سياسة القناة، فيلجا إلى تبرير ذلك بالحرية المزعومة التي تمارسها الدولة تجاه الأعلام، واستقلالية قناة الجزيرة عن سياسة الدولة وهو بعيد عن المصداقية كليا في هذا الجانب. المشاهد يدرك جيدا السعي الواضح والصريح أحيانا في إشاعة فكر العنف والإرهاب الذي تتبناه القناة، ومتابعتها بأمانة ودقة لبث نشرات وأشرطة التنظيمات ألإرهابية وما يسمى بالجهادية، وخلق حالة من الفوضى وألأرباك ضد دول معينة بقصد خدمة السياسة القطرية والأهداف التي ترسمها، والتي تعرضت لانتقادات دولية عديدة، وصلت أحيانا لتهديد دول الخليج العربي لدولة قطر بالمقاطعة واتخاذ إجراءات قانونية صارمة أجبرتها أن توعز للجزيرة القناة أن تخفف من سياستها تجاه تلك الدول ومنها المملكة العربية السعودية ومصر على سبيل المثال لا الحصر.
ومما يثير الشكوك هو بث القناة أخبار عن عمليات إرهابية قبل وقوعها ولأكثر من مرة، مما يدلل على وجود التنسيق والتعاون بين التنظيمات الإرهابية وبين بعض مراسلي القناة، وفي وجود مصورين ومراسلين للقناة في مكان الحدث قبل وقوع الجريمة، ما يجعل مهمتهم استخبارية أكثر منها إعلامية. أن دولة قطر تنفق ملايين الدولارات على القناة، وقد تتلذذ وتنتعش حين تستمع لشكاوى الحكومات العربية ضد القناة، غير أنها لم تحسب حساب ما تحصده من كراهية المواطن العربي لدولة قطر الراعية للقناة، وانسحاب هذه الكراهية إلى اعتقاد راسخ لدى المتلقي من كون دولة قطر الصغيرة راعية من رعاة الإرهاب الدولي وتموله وتدعمه، وإنها مشاركة ماديا ومعنويا بالرغم من كل المزاعم التي تقول بأن دولة قطر الصغيرة تستنكر الأعمال الإرهابية وتعمل على محاربتها!!!! السياسة السلبية التي تمارسها القناة وترغب بها الدولة القطرية الصغيرة ضد العراق ومصر وسوريا وليبيا وتونس واليمن، وتغض النظر عن السلبيات التي تمارس داخل دولة قطر الصغيرة، والتي تؤديها برامج قناة الجزيرة حققت نجاحا في جعل العديد من الناس يكرهون السياسة القطرية ومن أشد المعارضين لها، حتى إن القناة أصبحت من الأدوات الخطرة التي تهدد السلام والأمن الاجتماعي في المنطقة، وعبثا حاولت قناة الجزيرة أن تستعيد مكانتها الأولى لدى المشاهد العربي، وأن تتمكن من تحويل العقل العربي نحو مقاصدها وأهدافها، إلا إنها فشلت أمام تنامي حالة الوعي، ولم تتمكن أن تبعد الاتهامات التي تعدتها وطالت المؤسسة السياسية لقطر، بالرغم من الإنفاق غير المعقول، وبالرغم من التشبث بعقد المؤتمرات والاجتماعات في الدوحة، إلا إنها لم ترتق لمستوى القبول مطلقا، وهو ما يسمعه المسؤول القطري من السياسيين العرب ومن الصحفيين في كل بلد يقام فيه مؤتمرا. تمتلك دولة قطر الصغيرة ثروة كبيرة، غير إنها تنفق منها في العديد من المشاريع التي لا تخدم شعوب المنطقة، وكانت وثائق ويكليكس هى صاحبة الضربة التالية لكشف وفضح قناة الجزيرة واثبات مدى تورطها في عمليات خراب وتدخل في أنظمة الدول العربية بناءً على توجيهات وتمويلات إسرائيلية..!
فقد كشفت وثائق خطيرة سربها موقع ويكيليكس أن لقاء سرياً جمع بين الشيخ حمد بن جاسم وزير الخارجية القطري السابق في حينه ومسؤول إسرائيلي نافذ في السلطة، وكشف فيه الشيخ جاسم للمسئول الإسرائيلي أن الدوحة تتبنى الخطط التي تضعف الموقف العربي إزاء إسرائيل، وهذا الموقف لم يكن متناقضا مع وجود مكتب العلاقات الإسرائيلية - القطرية الذي سبق كل الحكومات العربية في مثل هذه العلاقة إن توظيف الإمكانيات المادية والتكنلوجيا الحديثة في غسل الأدمغة ومحاربة الحقيقة لا يعد منهجا متطورا أو مسايرا للعصر، هذا التوظيف سينمي قاعدة من قواعد الشر التي نحن بحاجة ماسة لأن نلغيها من عقولنا ومناهجنا، كما إن التناقض بين الشعار والتطبيق، بين الهدف والغاية وبين الواقع والحقيقة، يوقع القناة في فخ التناقض والتراجع، كما أن اللف والدوران والابتزاز ليس من مهنية الأعلام مهما كانت وجهة نظره، حيث أن بالأمكان الدفاع عن وجهة النظر وطرح الأفكار في الهواء الطلق دون تدليس هو المنهج الصائب والذي يليق بعصر حقوق الإنسان.