الأنتربول ((المنظمة الدولية للشرطة الجنائية))، والاسم مجتزأ من كلمتين هما الأنترناشنال والبوليس ، وهو منظمة دولية يقع مقرها الرئيس في مدينة (ليون في فرنسا)، ولدى المنظمة سبعة مكاتب إقليمية، مكتب يمثلها لدى الأمم المتحدة في نيويورك، ومكتب يمثلها أمام الاتحاد الأوربي في بروكسيل، ومكاتب أخرى موزعة في عدد من البلدان، غير أن للمنظمة مكتب وطني مركزي في كل بلد من البلدان الأعضاء .
ويقوم الانتربول بانفاذ قرارات الحكم الوطنية بتقديم كافة وسائل الدعم والمعلومات في مجال محاربة الجريمة والإرهاب، ويسعى لمنع ارتكاب الجريمة ومكافحتها، بالإضافة إلى تطوير مهارات ومعارف أجهزة الشرطة الأعضاء في المنظمة على الصعيد الولي.
ومن بين أهم أهداف الانتربول تسهيل التعاون الدولي بين أجهزة الشرطة حتى في غياب العلاقات الدبلوماسية بين البلدان ، وينضوي في تشكيل الانتربول 190 دولة يفترض إنها تسعى لجعل العالم أكثر أمانا بمواجهة ظاهرتي الإرهاب والأجرام.
وقد أشترط القانون العراقي في المادة ( 368 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل على السلطة العراقية إذا طلبت متهما أو مجرما في الخارج لمحاكمته عن جريمة وقعت منه أو لتنفيذ حكم صادر عليه أن تعرض هذا الطلب على مجلس القضاء الأعلى معززا بالوثائق المبينة بالمادة 360 لاتخاذ الخطوات اللازمة لطلب تسليمه بالطرق الدبلوماسية، وتحدثت المادة المذكورة عن ملف يتضمن:
1_ بيان واف عن الشخص المطلوب تسليمه وأوصافه وصورته والأوراق المثبتة لجنسيته.
2 _ صورة رسمية من أمر القبض مبينا فيها الوصف القانوني للجريمة والمادة العقابية المنطبقة عليها وصورة رسمية من أوراق التحقيق ومن الحكم القضائي إن كان قد صدر عليه.
ويفترض بالانتربول باعتباره منظمة دولية محايدة، ويعد اكبر منظمة شرطة دولية تضم 190 دولة، أن يسعى للعمل على جعل العالم أكثر أمانا، ويعمل على التصدي للظواهر الإجرامية وتطبيق الأحكام وتسهيل تنفيذ القوانين الوطنية بأمانة، وعبر تاريخ هذه المنظمة التي تجاوز عمرها المائة عام بعام واحد، إذ أبصرت فكرة الإنتربول النور في العام 1914 خلال المؤتمر الدولي الأول للشرطة الجنائية الذي عُقد في مدينة موناكو الفرنسية، يفترض أن يكون عمل المنظمة فاعلا مع الأحداث وما تمر به شعوب العالم من أخطار نتيجة الجرائم الإرهابية وتجارة المخدرات والبشر وغيرها من الجرائم التي تنتهك حياة المجتمعات، ولهذا فقد وضعت في سبيل ذلك العديد من الأهداف.
ومن بين الأهداف الستراتيجية للانتربول توفير منظومة دولية للمعلومات الشرطية ، وتوفير الدعم لأجهزة الشرطة وأحكام القانون، وتوفير بناء القدرات والبحوث والتدريب، والمساعدة في كشف الجريمة والمجرمين، ويعمل الإنتربول بموجب القانون الدولي لكي يتمكن من ممارسة أنشطته عبر الحدود على نحو فعال.
ويُعترَف به كمنظمة دولية من قبل الأمم المتحدة ومن خلال اتفاقات المقر التي أبرمها مع فرنسا والبلدان الأخرى التي أقام مكاتب له على أراضيها.
والقانون الأساسي للإنتربول هو اتفاق دولي يؤكد عضوية حكومات جميع البلدان التي شاركت في اعتماد هذا القانون في عام 1956 ويحدد الإجراءات التي ينبغي أن تتخذها البلدان التي لم تكن أعضاء في عام 1956 لطلب الانضمام إلى الإنتربول.
وينص القانون الأساسي باعتباره الوثيقة القانونية الرئيسية للمنظمة بشكل خاص على أن التعاون الشرطي الدولي يجب أن يتم بروح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وعلى سبيل المثال، يظهر هذا الالتزام بحقوق الإنسان من خلال تعاون المنظمة مع المحاكم الدولية على أنواعها والمعاملة الدقيقة للبيانات الشخصية.
غير أن منظمة الشرطة الدولية وقعت في فخ المعلومات السياسية والمواقف التي تتخذها الدول الكبرى، فتلكأت أو تقاعست عن تنفيذ أهدافها الرئيسية بزعم أن بعض الأحكام الصادرة بحق بعض المتهمين لها طابع سياسي، وللأسف فإنها لم تمعن النظر في طبيعة الجريمة المرتكبة، كما أن القانون العراقي للعقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل قسم في المادة ( 20 ) منه الجرائم من حيث طبيعتها إلى عادية وسياسية، وفي المادة (21) منه نصت في الفقرة ( أ ) على مايلي:
الجريمة السياسية هي الجريمة التي ترتكب بباعث سياسي أو تقع على الحقوق السياسية العامة او الفردية وفيما عدا ذلك تعتبر الجريمة عادية.
ومع ذلك لا تعتبر الجرائم التالية سياسية لو كانت قد ارتكبت بباعث سياسي:
1 – الجرائم التي ترتكب بباعث أناني دنيء.
2 – الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي.
3 – جرائم القتل العمد والشروع فيها.
4 – جريمة الاعتداء على حياة رئيس الدولة.
5 – الجرائم الإرهابية.
6 – الجرائم المخلة بالشرف كالسرقة والاختلاس والتزوير وخيانة الأمانة والاحتيال والرشوة وهتك العرض.
وقد صدرت العديد من الأحكام القضائية التي أصدرتها محاكم الجنايات وتعززت بمصادقة محكمة التمييز الاتحادية على تلك العقوبات بحق أشخاص ارتكبوا ما تم اتهامهم به، وأصبحت تلك الأحكام باتة، غير أن هؤلاء تمكنوا من الإفلات من العقوبة في العراق، ولجئوا إلى بعض دول الجوار، ولم يكتفوا باللجوء بل زاد نشاطهم الإجرامي والتحريضي تحت رعاية تلك الدول، دون أن يتخذ الأنتربول أي أجراء قانوني مع أن الدولة التي أصدرت تلك الأحكام هي عضو فاعل في تلك المنظمة، ومع أن هناك اتفاقيات قضائية بين تلك الدول تبيح استرداد المجرمين، بالإضافة الى خطورة الجرائم المرتكبة، كما أن تلك الجرائم مشمولة بالتسليم وفقا لاتفاقية الرياض لسنة 1983، وأن الجرائم ارتكبت في العراق والمحاكم الجنائية العراقية مختصة بالنظر في مثل هذه الجرائم وأصدرت أحكامها وفقا لقانون العقوبات أو قانون مكافحة الإرهاب ووفقا للأصول الجزائية النافذة، ومع وجود المقابلة بالمثل بين تلك الدول والعراق، ومع الالتزام بكل الضمانات التي تكفل لهم محاكمات عادلة وفقا للقوانين النافذة.
وعدم تسليم المجرمين المحكومين وتمكينهم من التنقل بين البلدان المجاورة واتخاذها ملاذا لهم، يطرح مسألة إضعاف الثقة بالمنظمة الدولية، ومحاباتها للمجرمين أمام تمكنها وإمكانياتها الدولية، بالإضافة الى توفير فرص للمجرمين يعد بحد ذاته خرقا فاضحا لحقوق الإنسان ولحقوق الضحايا ممن ارتكبت بحقهم الجرائم .
علينا أن نلفت أنظار المنظمة الدولية الى المعيار الموضوعي الذي يفرق بين الجريمة السياسية وبين جرائم الإرهاب والجرائم الجنائية العادية، إذ ليس من المعقول أن يتم التغاضي عن الجرائم المرتكبة مادام الجناة كانوا يشغلون مناصب تنفيذية أو سياسية، فالجريمة فعل يعاقب عليه القانون، وهي سلوك أجرامي يجرمه القانون، وجميع المعاهدات التي وقعها العراق تتعلق بملاحقة ومعاقبة الجناة ممن ارتكبوا الجرائم التي تهدد المجتمع الدولي والأمن والسلام، وضرورة التعاون والتكاتف من اجل معاقبة مرتكبيها وتعقبهم وعدم تمكينهم من الإفلات من العقاب.
ونعيد للتذكير بأن من أول مهام المنظمة الدولية للشرطة الجنائية هي أن يوفر أجود الخدمات المتعلقة بقواعد البيانات والقدرات التحليلية وغير ذلك من الأدوات المبتكرة للمساعدة في منع الجريمة وفي تحديد هوية الفارّين والمجرمين العابرين للحدود وتحديد أماكنهم وإلقاء القبض عليهم.
ويسعى إلى مواصلة تحسين قواعد بياناته الجنائية ودعم إدماجها في قواعد البيانات الوطنية فيها على نحو أفضل وتطوير أساليب وآليات التحليل والتحقيق.