ورد تعبير حالة الطواريء في الدستور العراقي ضمن الفقرة تاسعا من المادة (61) الخاصة باختصاصات مجلس النواب، حيث نصت الفقرة على مايلي:
(أ ـ الموافقة على إعلان الحرب وحالة الطوارئ بأغلبية الثلثين، بناءا على طلبٍ مشترك من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء.
ب ـ تعلن حالة الطوارئ لمدة ثلاثين يوماً قابلة للتمديد وبموافقةٍ عليها في كل مرة.
ج ـ يخول رئيس مجلس الوزراء الصلاحيات اللازمة التي تمكنه من إدارة شؤون البلاد في أثناء مدة إعلان الحرب وحالة الطوارئ وتنظم هذه الصلاحيات بقانون بما لا يتعارض مع الدستور .
د ـ يعرض رئيس مجلس الوزراء على مجلس النواب الإجراءات المتخذة والنتائج في أثناء مدة إعلان الحرب وحالة الطوارئ خلال خمسة عشر يوماً من انتهائها.)
وتعني حالة الطواريء تخويل السلطة التنفيذية المتمثلة برئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء بعض الصلاحيات الخاصة بالسلطتين التشريعية والقضائية، ويتم تحديد فترة هذه الصلاحيات الاستثنائية في الدستور العراقي بمدة ثلاثين يوما قابلة للتمديد على أن يقدم رئيس الوزراء عرضا للإجراءات المتخذة من قبله خلال هذه الفترة إلى مجلس النواب خلال 15 يوم خلال فترة الطواريء .
ويتم طلب فرض حالة الطواريء بناء على طلب مشترك من رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية يقدم إلى مجلس النواب.
وفي حال موافقة أغلبية الثلثين من مجموع عدد أصوات الحاضرين في حال اكتمال النصاب القانوني للمجلس، يصدر المجلس قانونا يحدد فيه الصلاحيات المناطة برئيس مجلس الوزراء التي تخوله إدارة شؤون البلاد وفقا لقانون الطواريء وبما لا يتعارض مع الدستور.
كما يتضمن القانون تحديدا للمدة التي يخوله التصرف خلالها بالإضافة إلى تعيين وتسمية المنطقة التي يتم فرض قانون الطواريء عليها، وغالبا ما يتم فرض حالة الطواريء في حال حصول كوارث بشرية أو طبيعية، وحالات التمرد والعصيان المدني، وفي حالة الحروب الأهلية والنزاعات الداخلية المسلحة والاعتداءات الخارجية وتعرض سيادة البلاد إلى مخاطر بسبب الحروب الخارجية.
وترتبط حالة الطواريء بالظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، فيتم تعليق العمل بقوانين نافذة، ويتم إيقاف العمل أيضا بعدد من الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور، حيث نصت المادة (46) من الدستور انه لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناء عليه، على ألا يمس ذلك التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية.
وتشترط حالة الطواريء وجود خطر جسيم واضطرابات خطيرة تهدد الأمن العام تشل الحياة العراقية، أو وجود نزاع مسلح خطير يخشى من انتشاره وتفاقم نتائجه، بالإضافة إلى حالات الحرب والكوارث الطبيعية حتى يمكن المطالبة بإيقاف قوانين نافذة، وتخويل السلطة التنفيذية كل تلك الصلاحيات الاستثنائية.
ومن الملفت للنظر في حال فرض قانون الطواريء وهو قانون استثنائي أن ميزان السلطة التنفيذية سيميل عن كفة ميزان السلطة القضائية، بل ويمكن أن يحكمها ويلزمها بتطبيق قوانينه المفروضة ضمن المرحلة، فيحدث خللا بليغا في مبدأ استقلالية السلطة القضائية خلال الفترة التي يتم تطبيق قوانين وأحكام الطواريء.
إن حالة الطواريء تجعل من رئيس الوزراء حاكما مطلقا، ويخول بموجب هذا القانون تعليق قوانين وفرض أحكام تقتضيها المصلحة العامة وفقا لسياسته ووجهة نظره.
وخلال هذه الفترة لايمكن الاعتراض والاحتجاج على الأحكام والتدابير المفروضة من قبل رئيس الوزراء إلا في حال مخالفتها للنصوص القانونية في قانون الطواريء المشرع أو للدستور، لأن قانون الطواريء يشكل قانونا استثنائيا مفروض بشكل مؤقت ولفترة محددة وضمن مكان محدد أيضا، بقصد مواجهة ظروف استثنائية تهدد الحياة في العراق، ويتم إلغاءه والتراجع عنه بزوال تلك الظروف.
ومن المؤكد أن تظهر بعض الممارسات التي تمارسها السلطة التنفيذية بشكل متعسف أو خاطيء خلال فترة الصلاحيات الاستثنائية مما يجعل الحريات العامة والحقوق الأساسية المدنية والسياسية التي نص عليها الدستور في خطر أو تعدي، خصوصا وأن قاعدة السلطة التنفيذية هي قاعدة قليلة الخبرة والمعرفة بحقوق الإنسان وبالحقوق والواجبات التي نص عليها الدستور، فيتشكل خطر على تلك الحريات بزعم تنفيذ الواجب.
وهناك من يقول بأن مثل هذه الأفعال يمكن الطعن بها أمام القضاء.
أن خطورة فرض قانون الطواريء في العراق تأتي من خلال الارتباك والفوضى العارمة التي تعم بنيان الدولة، ومن خلال التطاحن والتهاتر بين الشخصيات السياسية وبين الكتل.
ويأتي أيضا من خلال استشراء الفساد في جميع المفاصل وعدم قدرة السلطة التنفيذية على ملاحقة الرؤوس الفاسدة وحيتان الفساد المتحصنين بكتلهم وأحزابهم ومواقعهم، خطورة فرض قانون الطواريء يأتي من خلال المطالبات الشعبية بالإصلاح مع خطوات ترقيعية وبسيطة لاتغني من جوع ولا تحقق الحد الأدنى من مطالب الشعب حتى يمكن تلبية مطالبه الضرورية، مع وجود تنظيم إرهابي دولي يحتل ثلث مساحة العراق، ومضى على احتلاله أكثر من سنة دون أن نتمكن وبالتعاون المزعوم مع التحالف الدولي من طرده وتحرير المدن العراقية وأهلها من سطوته.
اللجوء إلى فرض حالة الطواريء مخاطرة جسيمة وتعليق للحريات العامة وإيقاف للتطبيق العملي لحقوق الإنسان، واللجوء إلى حالة الطواريء بزعم المصلحة العليا دعم وترسيخ لسلطة الفرد ودعم لمصلحة النظام القائم وتقنين صلاحيات شبه مطلقة لفرد يشكل جزء من طبقة حاكمة ساهمت في انتشار
الفساد سواء بالتلوث الفعلي أو بالصمت والسكوت لتمرير مثل هذه الصفقات على حساب جوع وبؤس وفقر العراقيين.
بالإضافة إلى حرمان الشعب العراقي من إيصال صوته ومطالباته بالتغيير والإصلاح التي تكاد أن تحقق بعض من المطالب الشعبية دون تمكين السياسيين من الالتفاف عليها وإجهاضها، وفي حال فرض حالة الطواريء يحق لرئيس الوزراء منع التظاهر ومنع التجوال ومنع السفر، وإصدار تعليمات تحدد حرية الناس دون الرجوع إلى القضاء، كما يستطيع فرض القيود على المواصلات والاتصالات وغير ذلك من مفردات الحريات التي نص عليها الدستور .
كما أن منح فرد سلطات مطلقة واستثنائية يشكل خطورة على الحريات والأفراد، وبالنظر لكون الفرد الحاكم وهو يمثل السلطة التنفيذية ينتمي إلى مجموعة سياسية أو حزبية، فهو بالتالي تابع لهذه الكتلة، ويميل إليها في جميع الظروف.
ومن الممكن أن يوظف تلك الصلاحيات والأحكام لصالح تلك الجهات، ولهذا فأن هناك من يدعو إلى رقابة قضائية صارمة على التطبيق، وان ينظم القانون الأبعاد والمديات التي تتحرك بها السلطة التنفيذية حتى لا تتعسف باستعمال السلطة.