يجمع كل الفاعلين بما يعرف بالعملية السياسية بعد 2004 م على فشل العملية السياسية التي كانت مليئة بالاخطاء القاتلة بدءا من الدستور الملغوم وانتهاءا بالتردي الاقتصادي والامني والسياسي.
كل هذا حصل بسبب الفشل الذريع في ادارة البلد بشرف والحفاظ على وحدة الاراضي العراقية كما وجدناها بعد تشكيل الدولة العراقية 1921م بكل التشاكل التاريخي على مر العقود السابقة مع اختلاف النظم التي حكمت العراق التي ابقت على الحدود الدنيا للدولة والبنية السياسية التي انبثقت وقامت على تاريخ وواقع معاش للدولة العراقية بشكلها الحالي التي نعرف ملابسات قيامها منذ الولادة بعد اندحار العثمانين ووفق اتفاقية "سايكس – بيكو" التي اعطت للبريطانين حق التصرف بالعراق بعد ان تقاسم الدول الاستعمارية العالم ، واستطاعت بريطانيا ان تجمع مكوناته المتناحرة ضمن دولة العراق وتنصيب ملك عربي عليه وبناء دستور افضل بالف مرة من دستور "بول بريمر" الحالي، وحدثت الدولة العراقية في كافة الصعد وعلى راسها التعليم ونظام الري بصفة العراق بلد زراعي من الطراز الاول وهذه قصة لا تحتاج الى استفاضة تاريخية.
اليوم يقف العراق في مهب الريح نتجة لفشل الادارة التي لم تعد مؤتمنة على مصالح الشعب وعلى سيادة العراق الوطنية وغير قادرة على مواجهة التهديدات الخارجية والاجتماعية للعراق وتدخل دول الجوار بشكل مباشر والاعتداء على سيادة اراضيه او بشكل غير مباشر من خلال احزاب تخدم مصالح واجندات دولية باتت معروفة.
اليوم العراق يعيش امام خيارين لا ثالث لهما اما حكم ملوك الطوائف والكتل السياسية التي اعترفت بفشلها في انتاج حكومة او سلطة تمتلك عناصر اساسية متعارف عليها في كل حكومات العالم كقواعد السلوك والتظيم والسيادة اضافة الى انها لم تعد تملك شرعية بعد الانقسام في البرلمان وانسحاب نصف وزراءها الذين قدموا استقالتهم لرؤساء الكتل قبل ان يقدموها لرئيس الوزوراء " حيدر العبادي وبهذا لم تعد هذه الحكومة شرعية باية شكل من الاشكال وعاجزة عن تنفيذ القوانين علاوة على تداخل في الاختصاصات القضائية والسياسية وستتفجر من داخلها وتسقط مهما كان الدعم الخارجي للعبادي.
ان اصرار الكتل السياسية على تمسكهم باشخاص بعينهم في تولي مناصب حكومية لم ينتج اية حل سياسي بل سيزيد من عمر الفشل والضياع وسيخسر الجميع وستزداد حمامات الدم بسبب الارهاب والانفلات في استخدم السلاح المنتشر عند الاحزاب ومليشياتها والذي يجب ان يكون ضمن هيكل الدولة التي يحق لها استعمال القوة شرعيا وحصريا.
في ظل هذه الفوضى القاتلة لامخرج آمن الا بالتفكير جديا بحكومة انقاذ بعد اكثر من عقد من الزمن وتغير قواعد اللعبة السياسية بقانون انتخابات الذي سبب بصعود هذه الطبقة السياسية الجاهلة بابسط قواعد الخطاب التي لم تقرأ التاريخ ولم تملك رؤية في ادارة فصل دراسي في مدرسة وليس بلد مثل العراق رغم شهاداتهم الطويلة العريضة.
ان من مصلحة فرقاء العملية السياسية ”الاخوة الاعداء" انقاذ ما تبقى من من البنية المتهالكة للدولة وتستجيب للمطالب الشعبية بتقديم الخدمات والامن رغم صعوبة الاوضاع الاقتصادية التي وصل العراق اليها بسبب من حكم طيلة فترة ما بعد الاحتلال الامريكي للعراق ومنذ اول حكومة انتقالية بعد الحاكم
المدني الامريكي بول بريمر.
ان خيار الحكومة الانتقالية ليس حالة صحية في تاريخ الدول لكنها خيار من لاخيار له بعد سقوط الانظمة او زوال الاحتلال اونتجة انقلاب عسكري او ثورة.
اليوم الشعب العراقي ثائر بغض النظر عن اعداد المتظاهرين في هذه الساحة او تلك اضافة الى كل المرجعيات المجتمعية والدينية التي تطالب بالتغيير فاصبح الزاما التفكير بحكومة انتقالية ولامناص عنها لتسيير امور البلاد والعباد والعراق يواجه اعتى هجمة ارهابية رغم الدعم الدولي علما ان الدول لها مصالحها وليس جمعيات خيرية، لم تستطيع الحكومات المتعاقبة منذ 2005م ليومنا هذا ان يحد ا من خروقاته نتجة فشل في المنظومة الامنية والقيادة المتعددة الرؤوس والميول ولم تملك عقيدة وطنية بل تدين لولاءات الطائفة والحزب والقومية.
النظام والسلطة في العراق باتت تعاني من خرف شيخوخي مبكر لايستوعب متغيرات العصر والمحيط الاقليمي وعلى من يريد ان يخرج من هذا المأزق القاتل الذي سيؤدي الى تقسيم البلاد واستمرار العنف الدموي الذي يطال كل مكونات المجتمع العراقي.
ان مازقنا العراقي تاريخي اجتماعي مركب ومخيف في تعقيداته التي لاحصر لها.
اذنا علينا بتفكيك هذا المازق باسرع وقت في الشروع بحكومة انتقالية من المستقلين وتغيير قانون الانتخابات وتعديل الدستور.
هذا خيار من لاخيار له غير التشظي او البقاء على خارطة هذا العالم الذي بات قرية صغير بفضل التكنلوجيا الرقمية والذي لايرحم من يتخلف عن ركبه وسيسحقه شر انسحاق..
هل سنسمع صوت للعقل من داخل العملية السياسية؟
وهل سيصغي ملوك الطوائف الحاكمة لصوت الحكمة؟
ام ان الجميع يراهن على النجاة من الطوفان القادم ان استمرت العملية السياسية بنفس النهج والتفكير في ادارة البلد والارتماء للخارج.