{إذا تكلمت فتكلم حتى النهاية.. لا تصمت كي تتكلم.. ولا تتكلم كي تصمت.}
الجميع حفظ خطاب رئيس الوزراء " حيدر العبادي " وعرفوا لغته وقرار صوته الجهوري الذي بقي بلا قرار مجرد ظاهرة صوتية ونسمع جعجة ولا نرى طحنا:
- سوف نجري اصلاحات شاملة.
- سوف نضرب السراق بيد من حديد.
- سوف نحاسب حيتان الفساد " وما اكثرهم في المنطقة الغبراء".
- سوف نلاحق الجريمة المنظمة وعمليات الخطف.
- سوف نحيل للقضاء كل من يعتدي على املاك الدولة.
وفي ظل تصريحات معاليه يستمر الخراب والفوضى والانحطاط ويستشري الفساد بلا هوادة وباطراد مريع..
وسوف وسوف وسوف..
وكما يقول "سيبويه" سوف كلمة تنفيس وتاخير ورئيس وزراء العراق لا ينفس عن الشعب ولا يقدم ولا ياخر، والحكومة معطلة ممزقة ومهترئة وفاسدة حد النخاع والخدمات تتدهور حتى وصلت الامور لحالة حرجة لاينفع معها تنفيس احتقان المواطن الذي بلغ به الياس مبلغا خطيرا وما عاد يصدق اية وعود من قبل الطبقة الحاكمة وساسة الخردة.
الامر الاخر عودنا سيادة معالي رئيس الوزراء بمناسبة او غير مناسبة ان يخطب ليلا مراعاة للتوقيت في واشنطن ليسمعوا اصلاحاته اصحاب القرار هناك والشعب العراقي لايعنيه لطالما يتصل به الرئيس باراك اوباما ويبارك له تسويفه ويدعمه.
دأبت الحكومة كذلك على اعلان بياناتها ليلا حتى في اعلان تعطيل الدوام الرسمي لمؤسسات الحكومة المعطلة اصلا.
بات الجميع يرفع شعار "الامر دبر بالليل" مثل مؤمرات الكتل السياسية وتشكيل الحكومات وغيرها من القرارات المصيرية للبلد ايمانا منهم كلام الليل يمحوه النهار.
عجيب امر سوف في لغة الساسة العراقيين وعجيب الليل العراقي الطويل جدا والحالك، الذي اصبح وقتا للمؤمرات والكذب والوعود الخادعة بدل ان يكون للراحة والسبات والسمر والسهر.
وعجيب امر شعب يعيش على "سوف" التي تؤخر الخدمات والعدالة وتقضم اعمارنا وتفرغها من القيم الانسانية والاجتماعية. وعام بعد عام تحول الفرد العراقي الى كتلة بايلوجية تعيش حياة ناقصة بجميع الجوانب او نصف حياة ونصف موت.
او كما يحدثنا الحكيم الفيلسوف " جبران خليل جبران " ويحذرنا من نصف الكلام ونصف الحياة وكل انصاف الحلول:
{لا تعش نصف حياة ولاتمت نصف موت..
لا تختر نصف حل ولا تقف في نصف الحقيقه..
لا تحلم نصف حلم ولا تتعلق بنصف أمل..
إذا صمت فاصمت حتى النهاية..
وإذا تكلمت فتكلم حتى النهاية..
لا تصمت كي تتكلم..
ولاتتكلم كي تصمت..
إذا رضيت فعبر عن رضاك ولاتصطنع نصف رضا.. وإذا رفضت فعبر عن رفضك لأن نصف الرفض قبول..
النصف هو حياة لم تعشها.. وهو كلمة لم تقلها وهو ابتسامة أجلتها.. وهو حب لم تصل إليه.. وهو صداقه لم تعرفها..
والنصف هو ما يجعلك غريبآ عن أقرب الناس إليك.. وهو مايجعل أقرب الناس إليك غرباء عنك..
النصف هو أن تصل وأن لاتصل.. أن تعمل وأن لاتعمل.. أن تغيب وأن تحضر..
النصف هو أنت عندما لاتكون أنت لأنك لم تعرف من أنت..
النصف هو أن لاتعرف من أنت ومن تحب ليس نصفك الأخر ..
هو أنت في مكان آخر في نفس الوقت..
نصف شربه لن تروي ظمأك..
ونصف وجبة لن تشبع جوعك..
ونصف طريق لن يوصلك إلى أي مكان.. ونصف فكرة لن تعطي لك نتيجة..
النصف هو لحظه عجزك وأنت لست بعاجز .. لأنك لست نصف انسان..
أنت إنسان وجدت كي تعيش الحياة.. وليس كي تعيش نصف حياة..}
واقع حالنا كعراقيين هو نصف حياة وحولنا ساسة القوم الى غرباء في وطننا الام ويحاولوا القضاء على كل مظاهر الانسانية!!
وبتنا منذ سقوط بغداد الاخير على يد امريكا وحلفاءها نعيش اسوأ حالات العجزوالتشظي وعدم الرضا والجوع كل هذا بسبب الاحتلال ومخلفاته من اليورانيوم والزبالة التي تربعت على مقدرات العراق وتواطئها مع الششركات العابرة للقارات من اجل نهب العراق.
اصبح الشعب منقسم على نفسه بسبب الطائفية المقيتة والحزبية فلايمكن ان يخرج من متاهة انصاف الحلول المجربة والفاشلة والتي لاتليق باي انسان على وجه الخليقة. والاغرب من هذا ان الشعب العراقي لايرفض انصاف الحلول و لم يصر على مطالبه بسبب غياب النخب او القيادات الوطنية الصادقة.
واصبح الجميع تستهويه برامج "التوك شو" الملتهبة.. معارضة ومولاة يتكلمون نصف كلام يشبه الفوازيروالنكات السمجة.
كل هذا يجري في اوقات الليل طبعا وكلام الليل يمحوه النهار.
اما نهارا فالكل يعيش نصف حياة ويتكلم نصف كلام ويقول نصف قول ويفعل نصف فعل او مجرد كلام واوهام لاعلاقة لها بالحقيقة التي يعيشها العراقيون والوضع الغير قويم للدولة والاحزاب الحاكمة..
انها الكارثة الماحقة حقا.