ما حصل من فاجعة وعمل ارهابي في مدينة نيس الفرنسية كان أمرا مفجعا ومروعا حيث قام ارهابي بدهس حشد من الارواح البريئة التي كانت مجتمعة للاحتفال بالعيد الوطني الفرنسي ليلة 14 تموز ، والامر الاخر الاكثر إيلاما كان معظم الضحايا من الاطفال والسياح وبالطبع من الفرنسيين الذي ابتلوا بتخبط ساستهم وتشابك الاجهزة الامنية من دون فائدة والارهاب يعشش ويبض ويفرخ في مساجد نيس وغيرها من المدن الفرنسية بدعم وتمويل يعرفه القاصي والداني.
ان الارهاب يضرب في العراق وسوريا وليبيا واليمن على مدار الساعة لكن كما عودنا الغرب وحلفاءه بالكيل بمكيالين وبازدواجية المعايير في تغطية الاحداث منذ اسبوع شهدت منطقة الكرادة في بغداد حادث ارهابي اثيم غير مسبوق في حجم الدمار والضحايا الابرياء . وتعتبر الكرادة ايقونة او درة احياء بغداد في التعايش الاجتماعي والتاريخي والتنوع الثقافي والديني .
ان الاعلام مخادع من الالف للياء ومسيطر عليه من قبل الاقوياء الذين صنعوا لنا هذا الارهاب لرسم خرائط جديدة بالدم للهيمنة على العالم بحكومات سرية لها اهداف وغايات ابعد مما يظهر على السطح لهذا تاتي الاجوبة ضبابية وليست ذي معنى دون ان نسال من صنع هذا الارهاب الذي اوصل العالم لهذا الحضيض والمستنقع الدامي وشرد الملاين عن حقولهم ومدنهم وبيوتهم وقذف بهم في المجهول؟؟
سمعنا الكثير من شهادات المنشقين او من تراجع عن المنظمات الارهابية كما قرأنا كثير من المؤلفات لضباط ومسؤولي في الدبلوماسية والمخابرات والكل يجمع ان كل المنظمات الارهابية هي صناعة مخابراتية للدول العظمى ولو رجعنا قليلا للوراء نجد ان تنظيم القاعدة هو الحاضنة الاولى التي فرخت وتناسلت منها كل المنظمات الاخرى وصولا لداعش وهذا ما اكده مايعرف بالمجاهدين العرب في افغانستان العائدين من هناك والذين ذهبوا برضا حكوماتهم العربية عندما كان الاتحاد السوفيتي السابق يحتل افغانستان فقامت امريكا وحلفاءها بانشاء تنظيم القاعدة ودعمه بالمال الخليجي والسلاح والتدريب الباكستاني وبعد اندحار الاتحاد السوفيتي وتفككه انقلب التنظيم على من اوجده وبدا يضرب في عمق تلك البلدان التي سمحت لرعاياها بالانتماء اليه دون ان تمنعهم بالذهاب والعودة ، لكن نقطة التحول الفاصلة هو احداث 11 سبتمبر ومن ثم احتلال افغانستان والعراق من قبل امريكا بمساعدة اوربية وعربية وسماح ايراني لمصلحة ايرانية ومن باب عدو عدوي صديقي.
وقد صرح احد الجنرالات الامريكان انهم سيجعلون العراق شبكة لتجميع الارهاب وتصفيته. وبعد فشل ذريع بدأوا باحتضانه من اجل خدمة مخطاطات لتقسيم المنطقة واعادة رسمها من جديد بخرائط وكيانات تقوم على الطائفية والعرقية. وهذا مخطط قديم جديد. لم يجد الغرب افضل من تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا {داعش} الذي يعتبر النسخة المطورة لتنظيم القاعدة التي ولدت من رحم اخوان المسلمين والاسلام السياسي والوهابية وهذه خلطة عجيبة ومخيفة.
وهكذا كبرت كرة النار لتكتوي بها شعوب العالم بتفاوت الا ان المنطقة العربية اكثرها حريقا لانها هي المعنية بالتقسيم اكثر من غيرها لاسباب عديدة اهمها الطاقة والموقع الجيو استراتيجي واسرئيل.
اليوم الارهاب يضرب دون هواده كل العالم حتى من رعاه وصنعه وسهل تواجده على اراضيه .
ان اعترافات هيلاري كلنتون المرشحة الرئاسية الحالية في امريكا في كتابها (التاريخ الحالي -Living History ) يقطع كل التساؤلات عن من صنع الارهاب وداعش.
{ ان الولايات المتحدة الامريكية هي من قامت بتاسيس ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية " داعش" ودخلنا الحرب في العراق وسوريا وليبيا وكان كل شيء على مايرام وجيد جدا.
وفجاة قامت ثورة 30 يونيو في مصر وكل شيء تغير خلال 72 ساعة .. تم الاتفاق على اعلان الدولة الاسلامية في العراق والشام 2013/7/5 وكنا ننتظرالاعلان لكي نعترف نحن واروبا بها فوراحال اعلانها وفجاة تحطم كل شيء} .
ان هيلاري كلنتون تعيش في غرف القرار لامريكي منذ ان كانت سيدة البيت الابيض عندما تولى زوجها بيل كلنتون الرئاسة 1992 ووزيرة خارجية سابقة وعضو في الكونغرس الامريكي فكلامها ليس من باب التحليل او الاستعراض الاعلامي والدعاية بل كلام قاطع ومؤكد لمسؤول بحجمها ومقامها .
وعودة على ما جرى في حادث دهس لحشد من المحتفلين يقدر 30000 شخص يحتفلون بعيد الحرية على شاطيء برومناد ديزانغليه في مدينة نيس جنوب فرنسا بشاحنة تزن 19 طن يقودها ارهابي. حادث يثير الاستغراب والحيرة بدخول هذه الشاحنة للمكان والسير مسافة كليومترين على هذا الكورنيش الشهير والذي يعتبر وجهة سياحية عالمية والكل يعرف الاجراءات التي تتخذ بمثل هكذا مناسبات . الجميع يخاف طرح الاسئلة ومناقشة اداة الجريمة التي تعرفها اجهزة المخابرات الفرنسية قبل غيرها بعد ان اطلقت ما يعرف بداعش سوريا " جند الخلافة" على لسان قائدها ابو محمد العدناني المدعوم من السعودية وباشراف وتدريب عسكريين من دول الناتو على الاراضي التركية.
هل يريد احد اقناعنا ان الجهات الداعمة لم تقرا وتسمع بيان ابو محمد العدناني؟!
الذي يحرض على استخدام كل الوسائل ومنها الدعس والدهس بالشاحنات {ابذل جهدك في قتل اي امريكي او فرنسي او اي من حلفاءهم، فان عجزت من العبوة او الرصاصة فاستفرد بالكافر فارضخ له بخنجر او انحره بسكين او قذفه من شاهق او دعسه بسيارة}
هل تريد من منا هذه الالة الاعلامية المسخرة لخدمة اجهزة المخابرات حسن الظن بما يقوم به الغرب من دعم للارهاب من اجل خدمة مصالح النخبة والدول العظمى التي تتقاتل على النفوذ والثروة وان نصدق كلامهم المعسول عن الديمقراطية وحقوق الانسان بانتقائية فجة.. الديمقراطية لاتعني اي شيء ازاء امن وامان الانسان وحياته بغض النظر عن عرقه ودينه ومكان تواجده .
رغم كل الاخفاقات المتكررة للامن الاوربي وامريكا في صد الهجمات الارتدادية للارهاب لم تغيير السياسيات ولا يقل الدعم للارهابين في الشرق الاوسط وكان الارهاب هناك حلال وعلى اراضيهم حرام .
بدا الخطر الارهابي يسقي الجميع من نفس الكاس الزؤام وتحول من ارهاب مجموعات متطرفة الى افراد منفردة يطلقون عليها الذئاب المنفردة التي تشربت من نفس الفكر وتمولت من الجهات ذاتها التي اوجدت التطرف والطائفية .
ان الاحداث الارهابية الاخيرة تفرض على الجميع وجود مقاربات ومعالجات للتصدي وكبح جماح هذا الارهاب المتوحش.
وقد ازف الوقت للشعوب الاوربية مساءلة حكوماتها على سلوكياتها وافعالها التي سمحت بوجود الارهاب شرقا وغربا .