"عالم مسكين .. انقلاب في تركيا"
ما حدث من انقلاب دراماتيكي بكل المقاييس مساء الجمعة 15 يوليو في تركيا لم تنتهي ارتدادته على الصعيد الداخلي والدولي وستتغير تركيا والاقليم وسيخلط الاوراق بعبثية غير مسبوقة. استطاع الرئيس التركي قلب الانقلاب لصالحه حينما لجأ الى الانترنيت الذي منعه مثلما منع كل وسائل الاتصال الاجتماعي " الفيس بوك وتويتر" ووسائل الاعلام الاخرى مرات عديدة.
ومن خلال الموبايل وجهة رسالته الى انصاره للتصدي لهذا الانقلاب بالنزول للشوارع.
وعاد السلطان رجب طيب اوردغان الى مطار اتاتورك قبل شروق الشمس ليبدا خطاباته المعهودة التي توزع الاتهامات شرقا وغربا وعلى راسهم خصمه اللدود“ محمد فتح الله غولن” الذي يقيم في الولايات المتحدة الذي كان حليف مقرب للرئيس اوردغان ومن ثم بدأت دائرة القتل والاعتقالات والاتهامات تتسع مع مرور الوقت وطالت دول اقليمية والولايات المتحدة الامريكية من قبل الحلقة المقربة من اوردغان ووصلت الاعتقالات والفصل الوظيفي الى شرائح واسعة لم تكن في الحسبان كالمدرسين والقضاة والمعلمين. وهذا امر يثير استغراب كثير من المتابعين للشأن التركي حتى قدر البعض ان العدد سيصل الى 250 الف وهذا انقلاب غير متعارف عليه على الانقلاب العسكري الذي عودتنا عليه المؤسسة العسكرية في تركيا.
الضارة النافعة..
كل المحللين يجزمون ان اوردغان اقتنص فرصة هذا الانقلاب لضرب كل الخصوم المزعجين لحلمه بان يصبح السلطان العثماني الجديد ويحيي الامبراطورية العثمانية ولو بحدود الشرق الاوسط، ووجه قوات الامن بقمع الانقلاب بعنف ملوحا بإعادة حكم الاعدام الى تركيا وهنا لحظة فاصلة، فخرج المجتمع الدولي الذي كان صامتا كعلامة رضا على الانقلاب باستثناء حلفاء اوردغان التقليديين من اخوان مسلمين وسلفيين فندد الاتحاد الاوربي بإجراءات اوردغان ضد الانقلابيين والفصل التعسفي لـ آلاف الموظفين.
ان قوات اوردغان الامنية الموالية بدأت تحمي انصاره في ساحة تقسيم التي كان يأمرها بقمع المتظاهرين في مايو 2013 حين اعترض الجمهور على ازالة متنزه جيزي الذي يحتضن تمثال الجمهورية رمز العلمانية التركية وحلقة الوصل بين الجزء الاوربي والاسيوي.
ان اوردغان لم يفاجا احد بخطاباته التي يستخدمها في الداخل فهي طوق نجاة له في استجداء عطف الشعب التركي وبطبيعة الحال انصاره الاقليميين من اخوان مسلمين ومن لف لفهم واكد ذلك برفع اشارة رابعة التي يستخدمها اخوان المسلمين في مصر اثناء خطابه الاخير.
مايحل للسلطان حرام على غيره.
اذنا هكذا عودنا الرئيس التركي طيب رجب اوردغان ان ما يحل له حرام على غيره بالتظاهر والسوشيال ميديا والارتباط مع الناتو وداعش ويحرم على غيره التعاون مع اي قوى من اجل محاربة الارهاب حتى لو عاث في الارض فسادا كما هو حاصل في سوريا والعراق، هذه هي عقلية الاستبداد مضافا اليها داء "البانورايا".
ان اوردغان في الاربع سنوات الاخيرة بدا يزعج حتى حلفاءه في اوربا والناتو ويشعر باعتزاز مبالغ فيه ومبالغ بقدرات بلاده التي بدأت تتراجع اقتصاديا بشكل سريع مثل صعودها السريع لأسباب ومعطيات جديدة ومتغيرات قاتلة بسبب سياسات حكام المنطقة والتنافس الغير اخلاقي والغير شرعي لقيادة الاقليم .
"عالم مسكين .. انقلاب في تركيا"
الارهاب بدا يضرب العالم بقسوة غير مسبوقة وبدا يختبئ مثل السرطان القاتل ولاوردغان حصة الاسد في تصديره برضا كل الحلفاء شرقا وغربا او بغض النظر عنه لمصالحهم الاستراتيجية. اذنا لما تريدونا نصدق الحكام الذين يتباكون على حقوق الانسان والديمقراطية اننا بتنا نعيش في عالم مسكين حقا كما غردت على تويتر المغنية والممثلة الشهيرة الامريكية من اصول تركية "شير" {سيريل سيركسيان لايبييري من أب ارمني} الحائزة على جوائز ثمينة من ضمنها الاوسكار حيث قالت في تغريدتها:
عالم مسكين.. انقلاب في تركيا.
التخلص من اوردغان ليس فكرة ليس سيئة انه على بعد شعرة من يكون ديكتاتورا، ولكن من سيحل مكانه؟ الجيش لن يكون فكرة جيدة ابدا.
شخصيا اؤيد أراء العصفورة السبعينية "شير" لانها من صناع الجمال وان يصفها البعض بانها مثيرة للجدل. وهي لا تقل ضراوة في الخصومة لاوردغان عن فتح الله غولن وترفض بشدة اسلمة تركيا على يد اوردغان الذي يستخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة .
ولا اوافق شير الراي حينما قالت "أنها تفكر في "ضرب نفسها بالنار" كلما رأت المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب "يتحدث". ماذا تفعل “شير” لو سمعت حديث القادة العرب والعراقيين.. انا على يقين انها ستحرق نفسها فورا دون تردد.