دأبت الأحزاب الحاكمة في العراق على استغلال المناسبات الوطنية والدينية والاجتماعية من أجل أن تضخ مزيدا من البربوكندا وغسيل المخّ الذي تمارسه على انصارها الذين يملآون اوقات فراغهم بمشاهدة القنوات الفضائية أو على صفحات الانترنيت والتواصل الاجتماعي لأنَّهم يعانون من البطالة بكلِّ أنواعها المقنَّعة وغير المقنعة حتى بالتفكير والتفكر بما يسمعون. فبات الإلهاء بالطائفية والمقدَّس والعروبة والوطنية بضاعة تُصدَّر لمن يستقبلها برحابة صدر دون أن يسال أحد ما هي برامج تلك الاحزاب وماهي الخدمات التي قدمتها على مدار ثلاثة عشرة سنة عجاف من قتل، قحط، وتخلف بنى التعليم والصحة والمواصلات، تدهور مريع بكلِّ مفاصل الحياة الانسانية. وما تركه الدكتاتور المخصيِّ من خراب وديون على العراق كبَّلته لحدِّ يومنا هذا وبتنا أمة مُستباحة للقريب والبعيد.
وبسبب سياسات الخلف الطالح للسلطة في العراق بات صندوق النقد الدولي والشركات المتعددة الجنسيات والحكومات السرية التي تتخذ من الامم المتحدة غطاء هي من تحرك الدمى على المسرح العراقي وتبارك مجالسها ومندياتها السياسية بالحضور والاشادة والدعم الاعلامي وتبيض وجوهها السوداء وافعالها المشينة في النهب والتستر على حيتان الفساد فاصبح لكل حزب ملتقاه وقاعاته الفخمة ويجمع جمهوره بالدنانير والولائم بمناسبة وغير مناسبة ومن ثم يبث تهريجه على الخلق والغريب العجيب أنَّ بعض من يدَّعي التحرُّر واليسار يدافع عنها. وتسعى الأحزاب لاحضار أعور دجال للتضليل وأخذ مهمة تصدير كذبها ونفاقها للجمهور وتغدق عليه وتصدره في الواجهة.
اعور دجال منا وفينا مدفوع الثمن ليناكف ويهجو ويخون كل من يعارض تلك الاحزاب او ينتقدها محاول قمع الوعي والتاثير على الجمهور وقيادته وفق العقل الجمعي الذي تفرضه كأمر واقع على الشعب العراقي. إن الأمر المحزن أن يكون هذا الأعور الدَّجَّال شاعر أو كاتب أو مثقف أو صحفي يتعاطى بالكتابة التي من المفروض أن يُعبِّر من خلالها عن الجمال الانساني وأحلامنا النبيلة والخيرة من أجل ترسيخ العدالة وحرية الراي والتنوع الفكري الخلاق. هناك الاف الافلام الوثائقية منشورة على الانترنيت لمؤتمرات ولقاءت وندوات الأحزاب العراقية الحاكمة وهي تسلك سلوك الديكتاتور السابق في التلاعب بالدِّين والتاريخ والوطنية بالأدوات نفسها باستمالة شعراء وخطباء ليكيلوا المديح لهذا أوذاك وهذا عار على السياسي وأعوره " لاتنهي عن خلق وتاتي بمثله عار عليك ان فعلت عظيم " فعلا ان هذا النكوص عار على الجميع إذا استمر الحال على ما هو عليه.
ليس المطلوب من المثقف أن يكون مُنحازا إلا للحقيقة والجمال وإذا ما افتقد إلى هاتين الخاصيتين سقط في الدجل والترويج الكاذب وأصبح كأيِّ تابع للسلطة ومرتزقتها. ولم يك "مثقفا عضويا" منحازا لشعبه وأمته وحقوقها المشروعة في الحرية والعدالة الاجتماعية والمواطنة لا على أساس ديني أو عرقي أو حزبي.
لا أحد يُطالب بدولة فاضلة لكن التغيير من أجل الأفضل واشاعة روح التسامح والشفافية ولو بالحد الأدنى الذي يليق بالشعب العراقي في العيش بأمان واقتلاع الخوف والتهميش الذي بات سمة الحياة اليومية وما زاد الطين بِلَّة الارهاب الأسود الذي استنزف مقدرات العراق ودفع العراق خيرة شبابه من أجل صد هذه الهجمة الوحشية التي جاءت من خلف الحدود بمباركة دول وأجهزة مخابرات عالمية واللعبة باتت مكشوفة.
أقول لهؤلاء العوران الدَّجالين ومن يحاول تقليدهم من جمهور تلك الأحزاب لا أحد يُنكر عليكم حرية ارتباطكم وعلاقتكم النفعية ومصالحكم وبفاءكم المرتبط بهذه الأحزاب وحلال عليكم اصطياد الأرنب" لكن بثمن كبير جدا! لا تغامر، لا تخاطر بحياتك لأجل شيء زهيد! كن لطيفا، لا ترفس ولا تعض .."* نحن مبتلون بهؤلاء الدجالين ومفجوعون بهم اكثر من سياسي العراق ما بعد الاحتلال الامريكي او السقوط. ان دجل هؤلاء وادعائاتهم الوطنية والبكاء على الضحايا ومالحق بالشعب العراقي لاتحتاج الى كثير من العناء في معرفة حقيقتهم الكاذبة ونواياهم التي بدات تتكشف ولا تحتاج الى عالم أو خطيب متفوه يشرح لنا زيفهم وقد يقول قائل إنَّ الأعور الدَّجال اسطورة لكنه موجود بيننا للأسف بدمه ولحمه ونواجهه كل يوم ليل نهار بمناسبة وغير مناسبة. في الواقع أو في الافتراضي.
*آنا سويل رواية الجمال الاسود