1.اعتصام النواب في مجلس النواب في 13/نيسان 2016 ثم نقل الاعتصام الى اجتماع النصاب في 28/نيسان إتخذ طابع الاحتجاج ضد محاولات تشكيل حكومة جديدة وفق محاصصة "محسنة" وضد استخفاف الكتل السياسية بمطالبة الشارع العراقي بتشكيل حكومة كفاءات واختصاص ونزاهة، وكان الاغتصام سيتحول الى نقطة جذب وتعبئة نحو تغيير النظام السياسي لولا طعون طالت ادارة الاعتصام بالولاء لزعيم حزب الدعوة نوري المالكي، من جهة، وبروز اعتبارات "شخصية" وتصفيات حساب وراء حماس بعض المعتصمين، من جهة ثانية، وعلاقة البعض من المشاركين في الاعتصام أو المدافعين عنه بملفات فساد.
2.تحالف المحاصصة (الرئاسات وزعامات الكتل) بدا انه مستعد للقبول بحكومة "نصف محاصصة" لكنه أخفق في اقناع الرأي العام ومعارضي المحاصصة والمتظاهرين بجديته وحسن نواياه وفي استعداد الكتل على التخلي عن جزء من امتيازاتها وامبراطورياتها المحمية بالمحاصصة، واعتبرت الاشارات "الايجابية" التي جاءت من هذا التحالف بمثابة انحناء موقت امام العاصفة ريثما تقلب المعادلة وتعيد الامور الى مربع المحاصصة.
3.التظاهرات "الصدرية" العارمة التي انتهت الى دخول المنطقة الخضراء واجتياح مجلس النواب اتخذت طابع العصيان المدني السلمي، بتأثير الخطابات الثورية لمقتدى الصدر وقاعدتها المتمثلة بشبيبة الاحياء الفقيرة وسخطها على طغمة الفساد والمحاصصة و"نواب الشعب" وتتمثل ثغرتها في غموض الاهداف المعلنة والمدى الذي تتحرك فيه وآليات ادارة مشروع التغيير الذي تتبناه، عدا عن مؤشرات "تحليلية" عن صفقات وتفاهمات ترسم مسارات الحركة او تضع سقوفها.
4.ما يقال عن وجود صفقة او "تفاهم" بين العبادي ومقتدى يستند في الواقع الى الكثير من المعطيات ومجريات الاحداث والى "عبارات" ترد في هذا التصريح أو ذاك منهما، فضلا عن تحركات على الارض تدعم هذا "التصور" والمهم ان الجانبين يواجهان خصوما ليسوا موحدين (المالكي. الجبوري. عمار) وفي غضون ذلك يتحول العبادي الى "لغز" حول ما "يضمره" أو ينوي اتخاذه من اجراءات ومواقف، فيما يتوقع المراقبون تشكيل تحالفات في البرلمان وخارجه تتولى ادارة معارك الايام أو الاسابيع المقبلة.
5.لم يكن يظهر على المرجعية الدينية العليا في النجف انها تتفرج على ما يجري، فهي مع تشكيل "حكومة اختصاصات مستقلة عن الكتل السياسية" وهي عاتبة على العبادي تردده، وظهرت مؤشرات غير خافية على المحللين انها تبارك خطوات مقتدى في اطار الاحتجاج السلمي على المحاصصة والفساد والضغط على الكتل والحكومة والبرلمان.
6.ساحة الازمة السياسية الحالية ومقدماتها وتضاعيفها (في المقام الاول) هي الطبقة السياسية الشيعية واحزابها وزعاماتها التي ينخر الفساد في اوصالها، وقد بلغت هذه الازمة شوطا من التعقيد والعدوانية بحيث تهدد بالاقتتال في اية لحظة، ولم تنفع حتى الآن ضغوط ايران أو تهديدات داعش في تبريد الرؤوس المأزومة وكبح اندفاعها لتصفيات الحساب، وهذا هو السبب الذي يمنع ردود الافعال الشعبية (في الوسط الشيعي الساخط) من ان تتحول الى فعالية وطنية عريضة، فان السكان السنة في احيائهم والاحياء المختلطة لم يشاركوا في الاعتصامات والتظاهرات، سواء بتأثير سياسييهم "المحاصصين" او بتاثير ما يحملونه من مخاوف وحذر حيال الجماعات الصدرية قبل ان تنشق عنها مجموعات طائقية متطرفة.