لا يصح أنْ نكتفي بالقول ان الحكومة العراقية وهيئة اركانها العسكرية والسياسية لا تملك استراتيجية متكاملة وجدية لاجتثاث داعش وبؤرها وأفكارها المتطرفة المتوحشة، فان هذا القول، وإن كان صحيحاً وواضحاً للعيان، يعفي مكونات الدولة الاخرى، (المجتمع- الرأي العام) من المسؤولية حيث تظهر للباحث الموضوعي الكثير من المؤشرات على عطل في هذا الجانب، فان اعمال داعش البربرية تمر في غالبها من منافذ الغفلة وحالة التفرج واللاابالية للمواطنين، اضافة الى ما يسمى بالحواضن السكانية التي تشكل معامل تفريخ وبيئة ومضافات للارهابيين، ومن الطبيعي الاستدراك، عدم التقليل من دور النخب المجتمعية المتنورة والوطنية في مواجهة مشروع الردة الداعشي الارهابي.
تفعيل دور الرأي العام وقطاعاته الدينية والقومية والاجتماعية يدخل في صلب استراتيجيات مكافحة الارهاب وفكره.. هذه حقيقة.. وغيابها يُعدّ خللا في بنية المواجهة، بل ان غياب الفعالية المجتمعية لمواجهة الارهاب يؤدي حتماً الى اطالة الحرب وتعقيد عملية التعبئة، ويخلق متوازيات من الاحتقان الطائفي والمجتمعي، خصوصاً في هذه المرحلة التي تشهد اندحار المشروع الارهابي الهمجي على الارض والتحوّل من حرب دولة مشروعة ضد دولة متوحشة، الى حرب دولة ضد عصابة، بكل ما تفرزه من كوارث، والحال فان الاستراتيجية المطلوبة ينبغي ان تتجه الى المراجعة النقدية التي تهيئ لإشراك المجتمع في الحرب، وبالتخلي عن الاساليب التي فقدت صلاحيتها.
/الى ذلك، فان مواجهة التطرف في الفكر والدين والممارسة المجتمعية تمثل اولويات الخطط الاستراتيجية لمواجهة الارهاب ودحره، أخذاً بالاعتبار ان مشروع داعش، وقبله القاعدة، يقوم على تصنيع دين جديد من التطرف يشرعن التوحش والبربرية والتجييش والابادة الجماعية للمدنيين الابرياء، والخطة الاستراتيجية للدولة ينبغي ان تقوم على إبطال اركان هذا الدين بإبطال ثقافة التطرف والغلو والعصبية السياسية، فضلا عن إشاعة الاعتدال، والحذر من دس بضاعة داعش المغشوشة، في الخطاب الاعلامي والسياسي التعبوي، ففي ذلك تهلكة، ونقل ابن عباس عن النبي قوله للمسلمين: “انما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين“.
*****************
عن الفراهيدي:
“مَن عَلِم بفساد نفسه، عَلِم بصلاحها “