الذين شاهدوا، أو استمعوا، أو قرأوا، خلال الاسبوعين الماضببن، التصريحات النارية التي اطلقها نواب ضد ايران أو السعودية أو امريكا او الخليج أو ضد ما يسمونه "حياء" بالدول الاقليمية، او يوصفونه بـ"الغرب" يقول انهم في مباراة بين من يسجل لنفسه امجادا حربية مبكرة، او اننا على حافة حرب على العالم، وأن العراق دولة منبوذة لا تحل مشاكله إلا باعلان الحرب على العالم لكي تذعن الدول له أو تقبله سيدا على مضض.
والغريب ان التحليل الاولي للجملة الاعلامية الحربية لهؤلاء النواب يكتشف انها تستعير الكثير من مفرداتتها من إرث الحروب الكارثية التي شنها النظام السابق على الجيران والعالم، وافرزت رطانات وهوسات وتهديات وتطاولات على المقامات والزعامات والشعوب، وانتهت الى ما هو معروف للجميع.
الشق الثاني من هذه المباراة الفارة والعقيمة انها مهووسة بصناعة الاعداء، واستثارة الدول، او متباهية في انها تهدد دولا اخرى قوية وكبيرة، في وهم بان ذلك يزيد في اوزان اصحابها بعيون الآخرين ويضاعف رصيدهم ويسهل تسويقهم الى اطراف خارجية كان اصحابنا شتموا خصومها الدوليين.
وكأننا انتخبناهم، لا للرقابة وتشريع القوانين ومراقبة إداء الحكومة (وهي واجباتهم الدستورية) بل لارسال البلاد، المنهكة من الحروب والصراعات والمشغولة بحربها الوطنية الضروس ضد الارهاب، الى ميادين حروب جديدة.
على اية حال، يمكن ان نبتلع هذه المهزلة في حالة واحدة هي ان نعتبر هذا البرلمان برلمان حرب، وليس في هذا الامر غرابة او سابقة في التاريخ العراقي، فقبل خمسة الاف سنة، كما يذكر عالم السومريات صموئيل كرومر، التأم اول برلمان في التاريخ على ارض العراق القديم وقد كان هدفه وضع قوانين للحرب..
فهل قرأ نوابنا تلك القوانين.
عزيز علي:
"دكتور.. داء اللي بينا منّه وبينا"
*****