في مسبقات الدعاية الانتخابية المحمومة قبل اوانها التشريعي نحتاج الى التذكير بوجوب خوض هذا التنافس بفروسية وتحضر، بعيداً عن اساليب التشهير والتهديد، لأن ما يجري الآن يفضح عوز الكثير من المنخرطين في الدعاية المبكرة الى معارف وثقافات التنافس العصري، وقل الى الحياء.
وسنحتاج الى التأكيد على انه لا تنافس حضاري من غير حرية تعبير يتمتع بها المتنافسون، كافراد او مجموعات، وكمجتمع، من دون تمييز، ولا حساب الحجوم، وهذه الحرية ليست منّة، او متبرع بها من احد.
انها ثمرة كفاح البشرية والشعوب المضطهدة في المقام الاول، إذ ترسخت هذه الحقوق برعاية ميثاق الامم المتحدة (المادة 19 من الميثاق الدولي) التي اعطت “لكل فرد حق حرية التعبير عن الرأي” ثم“ ان لكل فرد حق حرية إبداء الرأي من دون تدخل خارجي.
وحين خرج القائد الوطني الافريقي نلسون مانديللا من السجن خاطبه مبعوث دولي في احتفال حضره مليون من الملونين قائلا: “يا صانع حرية هذه البلاد “
فرد عليه مانديللا، متضايقاً، بالقول مشيراً الى الجماهير الغفيرة بالقول:
“ هم الذين حرروا انفسهم“.
وفي حزمة الالتزامات الخاصة بممارسة حقوق التنافس الانتخابي قضت المواثيق والتشريعات الدولية بتثبيت حقوق الحماية، للافراد والمجموعات والشعوب والعقائد والاديان، حيال ممارسة هذه الحقوق، وجرى التركيز، خلال التنافس الانتخابي، على تحريم وتجريم استعمال الاعلام وسبل الدعاية الاخرى في التعدي على المنافسين الاخرين او الاساءة الى سمعته او الحيلولة دون وصوله الى الناخبين، وهي جميعاً من حشوات التنافس الحضاري.
لكن الاكثر اساءة الى فروض التنافس الحضاري يمكن ملاحظته في اللجوء الى تزوير ارادة الناخب عبر ممارسات وتقنيات محرمة، وفي استعمال المال العام والسلطة ومنافذ الدولة في الدعاية والعلاقات، من قبل الحكومة او الفئات المتنفذة فيها.
وعندما يقال (وسيقال أغلب الظن) ان الانتهاكات لقيم التنافس الحضاري جرت في اطار مخالفات فردية محدودة، فان الامر لايعدو عن كونه محاولة لاعطاء الانتهاكات ترخيصاً، يساوي الموافقة على قتل انسان بريء بذريعة انه شخص واحد من ملايين من المواطنين لم يتعرضوا الى القتل..
فان الجريمة، جريمة، بصرف النظر عن عدد ضحاياها.
*********
حكمة:“ شعرت الاخلاق بالحرج حين قامت بزيارة دعيّ
فتحولت الى امرأة ثكلى.”