سأجمل رأيي في خمسة منظورات، هي:
1- النتائج شبه النهائية زكّت الرأي القائل بان الملايين الغفيرة، المشاركة في الاقتراع وغير المشاركة، والساخطة على فساد الطبقة السياسية وما آلت اليه الاوضاع تمكنت من تغيير معادلات الحُكم والسياسة وخيارات المستقبل، وابرز مؤشرات هذا التغيير تَصَدُّر ائتلاف “سائرون “بمشروعه العابر للطائفية ووأد عار المحاصصة، والتزام القصاص من الفاسدين وتلبية حقوق ومطالب الشرائح الفقيرة والمهمشة والمقصية.. اقول غيّرتها، ولا اقول أسقطتها، بانتظار معارك اخرى في البرلمان والشارع، ربما اكثر ضراوة.
2- التزوير واعمال الاكراه والتهديد والرشوة واستخدام المال العام والسلطة وقعت وتقع على عاتق مفوضية الانتخابات في المقام الاول، حيث تورط 6 اعضاء منها، في الاقل (ممثلين للطبقة الفاسدة) بتزوير البيانات والسياقات الالكترونية، الامر الذي ادى الى حذف ما بين 10 الى 15 بالمائة من النتائج وفسح في المجال لعودة اسماء منزوعة السمعة والنزاهة الى قبة البرلمان، وحرمان مرشحين نزهاء من الفوز.
3- فيما اظهرت النتائج والايام التالية تماسك “ائتلاف سائرون“ حسن ادارته للخيارات والشروط والنأي عن استرضاء القوى الخارجية، برزت الائتلافات الاخرى متشظية، منخورة، متضاربة المواقف، وشهد بعضها تمردات او التلويح بالانقلاب، او التنقل بين المحاور، ويتوقع ان ينهار بعضها حال تشكيل حكومة جديدة، إذْ يراهن سياسيون فائزون على العودة الى الامساك بسلطة القرار او التأثير عليه او الحيلولة دون كشف المسؤوليات عن خطايا المرحلة السابقة.
4- تراجع التأليب الطائفي والقومي والمناطقي وشعارات التخويف من الاخر والكراهية له، وبموازاة ذلك بروز الشعارات الوطنية والترويج للانتماء العراقي والشراكة والمواطنة، والغيرة على الوطن، من اوساط مؤمنة بهذه القيم والخيارات حيث ازدادت بأسا وحضورا، وحظيت بتعاطف الجمهور، واخرى تنافق في التعبير عن حب العراق والوطنية ونبذ المحاصصة، بانتظار ظروف مواتية للانكفاء عليها، واوساط ثالثة ما تزال متشبثة بالخندقة الطائفية والعنصرية، كرصيد سياسي ضامن، ولها في هذا المنهج مناصرون وداعمون ومصفقون خارج الحدود.
5- في كل الاحوال ستتشكل الحكومة بولاية ثانية لحيدر العبادي مسبوقة بخطوتين (شرطين) الخطوة الاولى نأيه عن حزب الدعوة الاسلامي، والثانية، التزام سياسات وبرامج بتوقيتات معلنة تكون مرجعيتها هيئة متابعة صارمة من الكتلة الاكبر اختارت هوية وهياكل حكومة السنوات الاربعة القادمة.
6- العراق الذي تجاوز فتن الاقتتال والتفتت الى تجربة التغيير السلمي في مفاصل ادارة الدولة، ما زال في مفترق طرق، وكل الاحتمالات واردة.
***
ابراهام لنكولن:
“انك تستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت، أو بعض الناس كل الوقت،
لكنك لا تستطيع أن تخدع
كل الناس كل الوقت”