تتسابق اقنية وجهات كثيرة في ارباك عقولنا ومنظوراتنا بمعلومات واحصائيات "ما انزل الله بها من سلطان" حتى ليصعب على الباحث وعلى مَن يرغب في التوثق من االمعطيات ان يعتمد رقما موثوقا او معلومة مطمْئنة، كما يندر ان تجد احصائية تحظى باجماع المعنيين، الامر الذي يدفع الكثير من المدونات الموضوعية ان تضع هامشا من الشك او التحفظ، او الدعوة للتوثق على جملة المعلومات المتداولة.
الى ذلك فان وزارة التخطيط والانماء وهي الجهة الرسمية التي تأخذ على عاتقها اجراء وتصويب الاحصائيات فتلجأ احيانا وفي اخطر بياناتها الاحصائية، عن عدد سكان العراق مثلا، على ما تسميه بـ "الفرضيات الاحصائية" فيما تنسب بعض الاحصائيات الى جهات دولية مثل منظمة اليونسكو والامم المتحدة وصندوق النقد الدولي والعفو الدولية من غير توثيق اصولي.
والغريب ان المنظمات العالمية، بما فيها تلك المرتبطة بالامم المتحدة، هي الاخرى وقعت ضحية التشويش في رصح الحقائق والمعطيات التي يعيشها الواقع العراقي، بل ونجد المئات من المعلومات والاحصائيات المثيرة التي تقرب من الفضائح الوطنية تُنسب الى جهات ومعاهد وروابط لا احد يعرف مدى صحتها وماذا ترتب عليها من اجراءات، مثل القول بأن هناك 220 صحيفة تصدر في العراق و67 اذاعة محلية تمولها جهات اجنبية مخابراتية، بحسب معلومات منسوبة الى جهة صحفية، أو ان هناك ثلاث حالات طلاق لكل أربع حالات زواج بالأسرة العراقية بحسب ما قيل انها احصائية صادرة عن وزارة شؤون المرأة، وتتداول الاقنية الاعلامية معلومات كارثية (وتمر مرور الكرام..) منسوبة الى جهات وهيئات عالمية تفيد ان العراق بلد الجريمة والفساد وانعدام الامن الاول في العالم، وبغداد اقذر عاصمة في المنطقة، وان نصف عائدات النفط تسرق من قبل السياسيين. المشكلة، ان العراق انتقل من الدولة المقفلة امام الاحصائيات الى دولة مستباحة بالاحصائيات المتضاربة، ولعل الاكثر خطورة يتمثل في دخول الاحصائيات حلبة الصراع السياسي، فلكل جهة معلوماتها واحصائياتها وارقامها توظفها بحسب ما تسعى اليه.
وتشاء فوضى الارقام والاستطلاعات ان تستضيف "المنطق" في آخر جولاتها حيث اعلن فريق استقصائي "حذار رجاء" من طلاب احد المعاهد بان ثلثي نساء العراق يعتبرن الدعوة الى المساواة بالرجال غير منطقية.. فصفق الداعشيون، وبكى ابو المنطق، ارسطوطاليس، في قبره.
***********
"أنا بصراحة أشك في كل من يمتلك رأيا قويا في موضوع معقد".
سكون أدامز- كاتب امريكي ساخر