توسع قدامى النقاد العرب في باب السرقات حتى بات المرء يشك أن يكون هناك بيت واحد من الشعر لا تطله شبهة السرقة، لكن هؤلاء النقاد أفاضوا في التبرير والتسويغ حتى ليكاد المرء يقول إن ليس ثمة من سرقة في الشعر.
لقد جرت التوسعة والإفاضة، بالتعسف، بحيث جرى إدخال ما ليس من السرقات في هذا الباب الذي جرت تسميته سرقات الشعر، فيما تم التوسع، بالتسامح، حتى جرى تسويغ بعض السرقات فلم تحسب على السرقة.
لم يخطئ النقاد العرب بتعسفهم، ولم يتساهلوا بتسامحهم، لكن الخطأ في هذا الحقل النقدي المهم كان يكمن في التسمية التي أُسبغت عليه: (باب السرقات)، وكان المراد به هو الأخذ).
(الأخذ) هو مفهوم تفاعلي محايد أخلاقيا؛ فهو ينطوي حينا على قيمة سلبية حين يكون (الأخذ) سرقة، سواء بالانتحال أو الغصب أو الإغارة (وهذه كلها من أصناف السرقات في لغة القدامى)، كما ينطوي حينا على قيمة إيجابية، سواء بالتوليد أو الاجتلاب أو الاتباع (وهذه أيضا من أصناف السرقات في لغتهم).
حين يقال إن (س) أخذ من (ص) شيئا؛ فإن التعبير يظل محايدا بالنسبة لسامعه، قد ينصرف باله معه إلى السرقة وربما يتوقف عند حدود التعاطي بين الناس.
(الأخذ)، وهو مفهوم قديم جرى استخدامه بسياقات مماثلة، هو الأقرب إلى مراد النقاد من مفهوم (سرقات الشعر) الذي جمع السرقة والتأثر والتفاعل في باب واحد.
وبموجب النقد العربي القديم لا تمكن الاستعانة بالمفهوم الغربي المعاصر (التناص) كبديل للسرقات؛ التناص علم آخر وثيق الصلة بجانب فقط وليس بجميع جوانب باب (سرقات الشعر).
المتواجدون الآن
439 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع
(الأخذ) لا السرقات
- التفاصيل
- المجموعة: الكاتب عبد الزهره زكي
- الزيارات: 902
آخر ما نشره كتابنا
- 22تشرين2 فوزيـة حسـن - فنانـة مبدعة في مسيرتها الفنيـة ومتألقـة في جميع ادوارهـا 2019-11-22
- 22تشرين2 جيمس بوند في التركي 2019-11-22
- 22تشرين2 رسالة الى زملائي وأخوتي قضاة العراق البواسل 2019-11-22
- 22تشرين2 متى طفرت الدموع من عيني.. وبكى الكثيرون؟ 2019-11-22
- Home /
- نخبة كتاب بانوراما /
- الكاتب عبد الزهره زكي /
- (الأخذ) لا السرقات