واحدة من أشهر حكايات التصوير الصحفي هي حكاية المصور الصحفي كيفين كارتر من جنوب أفريقيا مع طفلة سودانية عام 1993.
الطفلة من قرية هددتها المجاعة، قصد كارتر تلك القرية من أجل التصوير، وصادف أن سمع المصور صوت أنين خافت؛ كان صوت طفلة بالكاد كانت تزحف من أجل الوصول إلى مركز لتوزيع الطعام. أنهك الجوع الطفلة فتوقفت عن الزحف وحتى عن الأنين. إنها موضوع صالح لصورة صحفية، وفعلاً كان كيفين كارتر يتهيأ لتصوير الطفلة، لكنه تأخر من أجل ذلك نحو عشرين دقيقة (كما يقول هو، فربما كان تأخر أكثر من العشرين دقيقة).
ما أخر المصور عن التصوير هو أن نسراً حطّ قريباً من الطفلة. دخول النسر في المشهد جعل الصورة أكثر أهمية صحفية وتعبيرية.
بقي كارتر ينتظر كل ذلك الوقت من أجل أن ينشر النسر جناحيه لتحظى الصورة بقيمة تعبيرية وجمالية أكبر، فيما كانت الطفلة خاوية متهالكة تحت تأثير الجوع.
عشرون دقيقة كانت تكفي لأن تموت طفلة بمثل هذا الحال، والعشرون دقيقة كانت كافية من جانب آخر لأن يجري إنقاذ تلك الطفلة التي كان المصور هو الشخص الأقرب إليها.
انتظار النسر لينشر جناحيه هو داعي المصور الصحفي للتأخر عن التصوير، بينما امتناعه عن مساعدة الطفلة كان يعزوه المصور نفسه إلى أن (التعليمات) التي كان قد تلقاها كانت تمنعه من (لمس الأطفال) لتفادي الأمراض المعدية.
قال كارتر إن (عمله هو التقاط الصور فقط)!.
وهذا صحيح، لكن إنقاذ من يحتاج إلى الإنقاذ عادةً، أو في أغلب الأحيان، يأتي من بشر ليست مهمتهم (الإنقاذ).
لا امتياز لمن يؤدي وظيقة يتقاضى أجرا من أجلها؛ لا امتياز لمنقذ عمله الإنقاذ حين يتدخل وينقذ ضحيةً، لكن الامتياز الإنساني يظفر به من يتدخل كمنقذ بعيدا عن عمله وملابسات وجوده في مكان الضحية، والامتياز الإنساني الأعظم هو حين يكسر المنقذ مسؤوليات عمله لصالح واجب إنساني، وهذا ما لم يفعله كارتر. قد أكون مبالغا حين أتوقع أن المصور كان قد تأخر في التقاط الصورة ليس بسبب انتظاره النسر لينشر جناحيه. يجب أن نفكر بأنه ربما كان ينتظر أن ينقض النسر على طفل أفريقي متهالك فيكون بعدها قد ظفر بصورة نادرة.
تتجمد المشاعر الإنسانية لصالح (لقطة نادرة). لقطة تستحق جائزة عالمية.
لقد صوّر كيفين كارتر الطفلة بوضع مزرٍ، وكان النسر قريبا منها ولم يكن قد أفرد جناحيه.
اشترت نيويورك تايمز الصورة، وفازت بعد نشرها بواحدة من أعظم الجوائز التي ينتظرها المصورون، جائزة بولتزر.
لكن، وبعد ثلاثة أشهر من تلقيه الجائزة، انتحر كيفين كارتر، مخلفا رسالة جاء فيها: تطاردني ذكريات حية من عمليات القتل والجثث والغضب والألم ..لأطفال يتضورون جوعاً.