كانت سعادة العراقيين بالقرار الأممي بشأن أهوارهم وتراثهم القديم تعبيرا حيويا عن مشاعر وطنية غامرة، كما كانت تعبيرا موحيا عن حجم الحيف الذي ظل يعانيه سكان الأهوار وأهوارهم بمختلف الحقب.
القرار الأممي مهم، لكن أهميته تظل رهنا بالكيفية التي يمكن لنا أن نتعامل بها مع امتيازات القرار وما يتيحه من إمكانات. ليس المجال هنا للحديث عن الجانب السياسي وإدارات السياحة والزراعة والمياه والصناعة وحفظ الموروثات وكيفية الاستثمار في هذه المجالات التي أظل أضع يدي على قلبي كلما فكرت بها في ظل هذه الظروف.
ما يهمني هنا هو الدور المأمول من أدباء وكتاب وفنانين وأكاديميين تجاه الأهوار.
تجب الإشارة إلى الدور المطلوب من الجامعات خصوصا الواقعة منها في محافظات الأهوار..
هذه الجامعات مطالبة بتأسيس مراكز بحثية، ومطالبة بالتركيز في أقسامها المختلفة على أبحاث طلبتها لصالح الثقافة الشعبية والفولكلور وعمارة القصب والحياة العامة هناك وتقاليدها وموروثاتها.
في الأدب والفن ما زال الاهتمام بالمكان ضعيفا، المكان العراقي بشكل عام، بينما الأهوار ظلت هي الأبعد عن الاهتمام الأدبي والفني.
أستثني هنا جانبا أساسيا من شعر مظفر النواب وبدرجة أخرى شعر عريان السيد خلف، لما أبدياه من اهتمام بفعل انشغالهما بالشعر باللهجة العراقية المستخدمة في الأهوار وحواليها.
لكن الشعر الفصيح لم يكشف عن اهتمام واضح وراسخ إذا ما استثنينا بعض اهتمامات حسب الشيخ جعفر وعيسى الياسري.
في الكتابة القصصية يمكن القول بالجهد المهم الذي سعى من أجله وارد بدر السالم في عدد من أعماله، وقبله ما كان قد كتبه جمعة اللامي.
هذه الجهود تتطلب أن تتعزز بأعمال أدبية، كما تتطلب أن تكون هناك حيوية في مجالات الفن الأخرى، في الفن التشكيلي والسينما والدراما التلفزيونية.
يستطيع اتحاد الأدباء ودوائر الثقافة الاضطلاع بما يجب القيام به من تحفيز للأعمال الأدبية والفنية ذات الاهتمام، من الممكن تنظيم جوائز محفزة للأعمال المهمة ولمؤلفيها.
إنها حياة خصبة على أكثر من مستوى تلك التي عاشت على الماء هناك.
يقف العالم معنا الآن، وينتظر الكيفية التي يمكن أن نقف بها مع أنفسنا.