من غير الواضح ما إذا كان ترامب جاداً فعلاً بقراره منع مواطني الدول السبع من دخول أمريكا على أساس دواعي الإرهاب وحفظ أمن بلده أمريكا.
عدم الوضوح يعود إلى عدم قدرة واحد مثلي على أن يتخيل بلداً كالولايات المتحدة يمكن أن يقوده رجل يخرج بقراراته بطريقة تذكّر العالمَ بالراحل العقيد معمر القذافي.
تاريخ السياسة يجعل استغرابي غير مبرر؛ إنه تاريخ حافل بشخصيات (قذّافية) السلوك والتفكير والمزاج ووصلت إلى ما وصل إليه السيد ترامب، لكن استغرابي واقعي كما أحسب وهو ينطلق من أن العالم بات أكثر تنظيماً ودقةً وبما يمكن معه تفادي وصول (المازحين) الكبار إلى مواقع المسؤولية الأكبر ليس في بلدانهم وإنما على الكوكب.
كان استغرابي منطقياً فعلاً؛ قرار الرئيس بمنع مواطني البلدان السبعة هو قرار أقل ما يمكن أن يوصف به أنه قرار مضلِّل لدوائر الأمن القومي والمخابرات في بلده.
وهو استغراب منطقي أيضاً حين تكون هذه الدوائر هي التي ضللت رئيس بلدها الجديد بمعلومات غير صحيحة تماماً عن مواطني هذه البلدان الذين حرموا من دخول الأرض الموعودة، أرض العالم الحر، أمريكا.
حين يعاقَب الضحية على ما اقترفه مجرمون ضده وضد بلده فهذه هي الكارثة التي تعني واحداً من أمرين:
- إما أن تريد أمريكا، ممثلةً برئيسها، التغطية على مجرمي الإرهاب الفعليين.
- وإما أنها جاهلة جهلاً فاضحاً بما يجري على الأرض.
حسناً أنا غالباً ما أتوقع حسن نيات الآخرين، ليكن الجهل، جهل الإدارة الأمريكية بالوقائع والمعلومات هو وراء قرار (متعجل) من رئيس جديد، لكن ماذا عن مؤسسات كبرى (وكثيراً ما تصدّعت رؤوسنا بالكلام عن أن أمريكا بلد مؤسسات) تحكم البلد وحتى تدير العالم؟
القوات المسلحة ومعها المخابرات ومعهما خبراء الخارجية الأمريكية كانوا هنا في العراق لسنوات، واليوم توجد في قلب بغداد السفارة الأمريكية الأكبر في العالم..
هل من المعقول أن كل هؤلاء لم يتوفر لديهم التصور الدقيق عن أن الإرهاب وطبيعة الفرد العراقي لا يلتقيان؟
حسناً أيضاً.. هل سأل ترامب، إن لم يكن يعرف، عن جنسيات منفذي العمليات الارهابية في بلده وبلدان أوروبا؟.
لست بصدد التحريض ضد مواطني جنسيات أخرى غير جنسية مواطني بلدي، واقعاً من غير المعقول إطلاق أية عقوبة جماعية على شعوب لأن مجرمين خرجوا منها.
أمريكا، لو أرادت طبعاً، فإنها تعرف الإرهابي حتى لو كان في جحر من جحور تورا بورا.
أعتقد أن ترامب يمزح..
قرأت الترجمة العربية، وآمل أن تكون غير دقيقة، عن مبرر منحه الأولوية للأخوة المسيحيين السوريين في اللجوء، وكان يقول فيها: ”أنهم (الإرهابيون) يقطعون رؤوس الجميع، لكن رؤوس المسيحيين قبل غيرهم، وأعتقد أن هذا غير منصف على الإطلاق، ولذا سنساعدهم (سنساعد المسيحيين)”.
غير منصف يا سيد ترامب؟
هل يكون الإرهابي منصفاً إذا ما قطعَ الرؤوس بالتناوب مثلاً؟