لابدّ من تعديل قانون الانتخابات.
لابدّ من مفوضية انتخابات أكثر استقلالية.
بل لابد أيضاً من فاعلية أوضح وأشد ديمقراطية لقانون الأحزاب.
ولابدّ أيضاً من تعديل قانوني ودستوري تنخفض فيه أعداد أعضاء البرلمانَين، في المركز والإقليم، ومجالس المحافظات.
كذلك لابد من مراجعة تشريعات كثيرة جرى بموجبها منح امتيازات فلكية للبرلمانيين والوزراء وذوي الدرجات الخاصة.
ولابد...
ولابد...
القائمة يمكن أن تكون أطول مما أعرف. سواي ممن هم أكثر طموحاً وأملاً وإرادةً يمكن لهم إضافة الكثير من (اللابدّات).
هذه مطالبات ما عادت معرفتها حكراً على كتّاب ومعلقين ومنشغلين بتداعيات الحياة السياسية؛ يمكن بين الناس سماع ما هو أكثر جدية وفائدة من كل ذلك. بل يمكن القول إن كثيرين في داخل الطبقة السياسية الحاكمة والمتنفذة نفسها بمستطاعهم التشاطر بصلافة مع أولئك الناس فيتحدثوا بما لا يتحدث به الناس من هزال وتداع وخراب أخذ صفة شرعية فكان ممراً لكل الأزمات والمحن التي جرى إغراقنا وإغراق العراق بها.
لكن هل يكفي أن نغيّر قانوناً للانتخابات ونستبدل مفوضيةً ونجري بعض التعديلات القانونية الأخرى لنضع خطانا وخطى البلد وعمليته السياسية في الطريق الصحيح؟
قبل هذا التساؤل لنفكّر بالسؤال التالي: من هي الجهة المؤهّلة للقيام بكلّ هذه المهمات الضرورية؟
وهي اجراءات لابدّ منها فعلاً..
أعرف طبعاً أن مجلس النواب هو الجهة المسؤولة عن كل ذلك، لكن من هو مجلس النواب؟
ما تركيبته؟
ما طبيعة الصلة الفعلية التي تربط بين مكوناته السياسية وتجعلها كلها حكومةً حينا وكلها معارضة أحياناً أخرى، وحسب ما تقتضيه الأهواء والمصالح؟
هل يستطيع مجلس النواب انتاج مفوضية انتخابات مستقلة جدياً عمن يرشح أعضاءها؟
هل جرّبنا أن نعمل هذا في مؤسسات مستقلة أخرى أخفّ تأثيراً وتأثّراً بالمرجعيات السياسية ورشحنا لها مستقلين وراعينا وحفظنا لها استقلاليتها؟
حسناً لنترك هذا التفصيل، ولنفكّر هل فعلاً سيكون لتوفرنا على مفوضية جديدة القدرة على حل مشكلاتنا العاصفة؟
ألا يمكن لهذا النمط من التفكير أن يجعل هذه المشكلات كلها في بؤرة المفوضية والانتخابات، وهي بؤرة أصغر بكثير من أن تستوعب ما هو جوهري في تلك المشكلات؟
نعم، لابد من أن نظفر بمفوضية انتخابات مستقلة ومهنية تماماً.
لابدّ من كل (اللابدّات) التي ذكرت والتي لم أذكرها.
لكن هذا صحيح حين يكون في سياق صحيح لإصلاح العملية السياسية برمتها.
إنها عملية رفعت الديمقراطية شعاراً وهدفاً معلناً بينما هي اندفعت في مسارات نأت بها كثيراً عن ذلك الوعد الذي بات أقرب إلى السراب.
الذي يهمه من الديمقراطية صناديقها الانتخابية حصراً سيعترض عليّ، ولكني اتساءل: ما الديمقراطية ما لم تكن أمناً وسلاماً وحرية وعدلاً ورفاهاً وتقدماً واستقلالاً؟
ماذا بقي لنا من كل هذا لنقف ونخشى على مفوضيةٍ وعلى استقلاليتها؟